في ظل الاهتمام المتزايد بالصحة العامة في بلادنا والذي انطلق مع بدايات التأسيس من خلال وضع الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- اللبنات الأولى لنشأة الخدمات الصحية في المملكة بقرار إنشاء مديرية للصحة العامة الذي أصدره عند دخوله إلى الحجاز، بحيث تتولى مديرية الصحة العامة مهام الإشراف على المستشفيات والمراكز الصحية الموجودة في ذلك الوقت في بعض مدن الحجاز الرئيسة، ثم توسعت تدريجياً حتى عام 1365هـ الموافق عام 1945م، حيث أصبح لمديرية الصحة العامة ميزانية تتزايد باستمرار إلى أن تحولت إلى وزارة الصحة ذات أنشطة وقدرات متكاملة وذلك في عام 1370هـ الموافق عام 1950م، واستمراراً في الرقي بالخدمات الصحية والعمل على النهوض بصحة السكان بحيث يسهم في رفع مستوى الخدمات والظروف الصحية والبيئية فقد تم اعتماد برنامج المدن الصحية وتشرف عليه وزارة الصحة، والمدن الصحية مصطلح يستخدم في الصحة العامة والتصميم العمراني لإعطاء انطباع عن السياسة في الصحة، وقد تم اشتقاق الشكل الحديث لمصطلح المدينة الصحية من مبادرة منظمة الصحة العالمية للمدن والقرى الصحية التي انطلقت عام 1986م، وقد بدأ تطبيق هذا البرنامج بأسلوب يتلاءم مع مفاهيم المجتمع وذلك لكي يتم قبول هذا البرنامج وتطبيقه بشكل مستمر لتحقيق الهدف المنشود من هذا البرنامج، وكانت مدينتا البكيرية والمندق التجربة الأولى في تطبيق هذا البرنامج، حيث تم التنسيق مع المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة وتم إقرار هذا البرنامج، وتعد مدينة الدرعية أول مدينة صحية معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، حيث اعتمدت مدينة الدرعية في الأول من أبريل من عام 2018م وذلك لتحقيق ثمانين معياراً من معايير المنظمة، تلا ذلك اعتماد عدد من المدن الأخرى، وقد منحت منظمة الصحة العالمية المدينة المنورة شهادة اعتراف بأنها مدينة صحية بعد أن أكملت جميع المعايير العالمية التي تطلبها المنظمة، لتكون مدينة صحية بمفهومها المتكامل، وبذلك تعد أول مدينة كبيرة يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة يتم الاعتراف بها مدينة صحية من منظمة الصحة العالمية، ويأتي الاهتمام ببرنامج المدن الصحية ضمن تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
مصطلح دولي
المدينة الصحية أو المدن الصحية مصطلح يستخدم في الصحة العامة والتصميم العمراني لإعطاء انطباع عن السياسة في الصحة، وقد تم اشتقاق الشكل الحديث لمصطلح المدينة الصحية من مبادرة منظمة الصحة العالمية للمدن والقرى الصحية التي انطلقت عام 1986م، وقد تم تطوير المصطلح بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي، ولكنه أصبح مصطلحًا دوليًا كطريقة لإنشاء سياسة صحية عامة على المستوى المحلي من خلال ما يعرف بالتعزيزات الصحية، ويؤكد ذلك على الأبعاد المتعددة للصحة، كما تم وضع دستور منظمة الصحة العالمية وميثاق أوتاوا لتعزيز الصحة، وجاءت فكرة برنامج المدن الصحية عندما رفعت منظمة الصحة العالمية شعار: «الصحة للجميع» بحلول عام 2000م، حيث يعتبر مفهوم المدن الصحية جزءاً من تحقيق الرعاية الصحية الأولية، وتقوم فكرة المدن الصحية تقوم على مبدأ تحسين الصحة يمكن أن يتحقق إذا تم تحسين الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الصحة، ذلك أن صحة المرء هي نتيجة للظروف السائدة في المنزل أو في المدرسة أو في مكان العمل مثلما هي نتيجة لمستوى الجودة في مرافق تقديم الرعاية الصحية، ومواصفات المدينة الصحية أنها تلبي الاحتياجات الأساسية لسكانها، وتعتز بتراثها التاريخي والثقافي وتحتفي به، وتضم مجتمعاً قوياً يتكاتف أبناؤه ويؤازر بعضهم، يكون لها اقتصاد متنوع الجوانب ومتجدد، كما تقوم في منظومة بيئية مضمونة الاستمرار، وتتلخص أهداف البرنامج بالنهوض بصحة السكان بحيث يسهم في رفع مستوى الخدمات والظروف الصحية والبيئية في المدن عن طريق: زيادة الوعي بالقضايا الصحية والبيئية في إطار التطور والتنمية الصحية والبيئية، ومشاركة المجتمع -أفراداً ومنظمات- في معالجة مشكلاته الصحية البيئية عن طريق إعداد الأنشطة والمشروعات الصحية والبيئية وإعطاؤهم الدعم اللازم.
تجديد وابتكار
يعد برنامج المدن الصحية أحد البرامج التي تسعى إلى الارتقاء بصحة وحياة سكانها، ويعتمد البرنامج على العمل الجماعي والبحث الدائم عن التجديد والابتكار لجميع سكان المدينة مواطناً ومسؤولاً في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وذلك يعود إلى أن أي مؤثر صحي أو بيئي في المدينة يؤثر على الجميع، وقد أوضحت التجارب أنه لكي يتم الاستفادة المثالية من برنامج المدن الصحية يجب أن يتم إشراك أفراد المجتمع في وضع خطة البرنامج وتنفيذها ثم الاستمرار فيها، وقد تم تطبيق البرنامج في المملكة في 22 مدينة صحية من خلال تفعيل مشاركة المجتمع والتعاون بين القطاعات ذات العلاقة للوصول إلى الصحة بمفهومها الشامل، وتم اعتماد برنامج المدن الصحية وتشرف عليه وزارة الصحة التي بادرت بالانضمام إلى الحملة العالمية المسماة (1000 مدينة - 1000 سيرة حياة)، ويهدف برنامج المدن الصحية إلى النهوض بصحة السكان بحيث يسهم في رفع مستوى الخدمات والظروف الصحية والبيئية في المدن عن طريق: زيادة الوعي بالقضايا الصحية والبيئية في إطار التطور والتنمية الصحية والبيئية، ومشاركة المجتمع -أفراداً ومنظمات- في معالجة مشكلاته الصحية البيئية عن طريق إعداد الأنشطة والمشروعات الصحية والبيئية وإعطائهم الدعم اللازم، ومما لا شك فيه أن مملكتنا تعيش نهضة كبيرة على جميع المستويات وفي كل المجالات، وهناك حرص كامل من الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- على النهوض بمستوى مدننا وجعلها من أفضل مدن العالم، حيث توفر فيها مقومات المدن الصحية، وقد تم تطبيق هذا البرنامج بأسلوب يتلاءم مع مفاهيم المجتمع وذلك لكي يتم قبول هذا البرنامج وتطبيقه بشكل مستمر لتحقيق الهدف المنشود من هذا البرنامج، وقد كانت مدينة البكيرية والمندق التجربة الأولى في تطبيق هذا البرنامج، حيث تم التنسيق مع المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة وتم إقرار هذا البرنامج.
شهادة اعتماد
حصل عدد من مدن ومحافظات ومراكز المملكة على شهادة اعتماد من قبل منظمة الصحة العالمية بتصنيفها مدينة صحية، وقد كانت أول مدينة صحية يتم اعتمادها هي محافظة الدرعية وذلك في الأول من شهر أبريل لعام 2018م، وقد صاحب هذا الإنجاز تنظيم حفل في حينه، حيث رعى صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية رئيس برنامج مدينة الدرعية الصحية بحضور معالي وزير الصحة –آنذاك- الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة ومسؤولي الجهات الحكومية، حفل اعتماد مدينة الدرعية أول مدينة صحية بالمملكة، وتسلم سمو محافظ الدرعية شهادة اعتماد منظمة الصحة العالمية وشهادة شكر وتقدير من وزارة الصحة بمناسبة تحقيق هذا الإنجاز من وزير الصحة، وقد تم تسجيل مدن صحية بعد تسجيل الدرعية وهي كل من: جلاجل والجموم وعنيزة ورياض الخبراء والمدينة المنورة والمندق، وجار العمل على تسجيل العديد من المدن الصحية في المملكة في القريب العاجل بعد استيفاء الشروط من قبل منظمة الصحة العالمية، ويأتي تحقيق هذه الإنجازات وتسجيل هذه المدن ضمن المدن الصحية بما تحقق من تكامل في الخدمات والبنية التحتية التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- للمواطنين والمقيمين في جميع أرجاء مملكتنا الغالية.
تحقيق الرفاهية
تتسابق الدول عالمياً لأن تصبح مدنها صحية سعياً منها إلى الارتقاء بصحة حياة سكانها وساكنيها، وهذا ما دعا منظمة الصحة العالمية لأن ترفع شعار الصحة للجميع بحلول عام 2000م، بتبني فكرة برنامج المدن الصحية، التي تقوم على مبدأ تحسين الصحة، وقد بدأ تنفيذ برنامج المدن الصحية بإحدى عشرة مدينة أوروبية، وبلغ عدد المدن الصحية حول العالم حتى عام 1996م أكثر من ألف مدينة، وهو العام الذي اختير فيه «المدن الصحية.. تعني حياة أفضل» كشعار لليوم العالمي للصحة، الذي يصادف السابع من أبريل -نيسان- من كل عام، ويأتي اهتمام حكومتنا الرشيدة بالعمل على جعل مدنها صحية ضمن أهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى رفع مستوى الاقتصاد، وفي المقابل نجد أن برنامج المدن الصحية يسعى إلى تحقيق الرفاهية ورفع المستوى المعيشي، إضافةً إلى أن رؤية المملكة تهدف إلى تصنيف ثلاث مدن من أفضل 100 مدينة على مستوى العالم، ولكي يتحقق هذا الهدف لا بد أن تكون المدينة معززة للصحة ومطبقة لبرنامج المدن الصحية، الذي يسهم في التعاون مع القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ويولي الاهتمام الكامل بالرعاية الصحية الأولية، ويعد برنامج المدن الصحية برنامج بناء وقائي يعزز الصحة ويحسن جميع جوانب الحياة في المدن انطلاقاً من مبدأ تحسين الصحة وتحسين الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الصحة والظروف السائدة في المنزل أو في المدرسة، أو في مكان العمل ومستوى الجودة في مرافق تقديم الرعاية الصحية، وبلادنا تعيش -بفضل الله- نهضة كبيرة على جميع المستويات وفي كل المجالات، خاصةً في مجال النهوض بمستوى مدننا وجعلها من أفضل مدن العالم حيث تتوفر فيها مقومات المدن الصحية.






التعليقات