«جوهر الأهلي» يتلألأ.. والدماء تسيل من رأسَي زين العابدين وابن يحيان

نقلب صفحات التاريخ الرياضي ونسترجع أحداث الماضي لنقف على وقائعه الغائبة عن الأذهان ونعيد توثيقها وإحيائها في ذاكرة جيل اليوم على الرغم مما نصادفه من متاعب مهنية في ظل شح الموارد المعلوماتية وغياب مصادرها الأولية عن الساحة الرياضية، لكنها تظل بلا شك الهواية المفضلة لدى الباحثين والمهتمين بالشأن التاريخي.

وتبعاً لذلك نتسأل اليوم كيف كان أسلوب طرح التحليل الرياضي وصياغة التعليق للمباريات قبل 60 عاماً؟

مواجهة هلالية - أهلاوية قبل 60 عاماً

كمثال على ذلك نستعرض وصف إحدى الصحف المحلية لمباراة جمعت زعيم الأندية الآسيوية والسعودية الذي يستعد حالياً لخوض النهائي القاري وإضافة لبنة جديدة في صرح التفوق الكروي السعودي على الساحة الآسيوية -بمشيئة الله- نادي الهلال في مباراة واجه فيها نادي أهلي الرياض (الرياض حالياً) قبل 6 عقود ويومها لم تكن «جريدة الرياض» موجودة على الساحة الإعلامية آنذاك. ولم تبدأ في الصدور إلا بعد تاريخ تلك المباراة بعام ونصف العام تقريباً.

الزعيم في صحيفة القصيم

التعليق على تلك المباراة نشرته جريدة القصيم في عددها رقم 191 بتاريخ -29 -4 1383هـ الموافق 17-9 - 1963م وكانت تباع بربع ريال وهي صحيفة أسبوعية جامعة كانت تصدر قبل توقفها من مدينة بريدة وكان صاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ صالح السليمان العُمري وكان يعد صفحتها الرياضية ويحررها الأستاذ عبدالعزيز سالم الغامدي.

وكانت المباراة ضمن منافسات بطولة المنطقة الوسطى وبطلها يتأهل لملاقاة بطل المنطقة الشرقية والفائز منهما يصعد لنهائي كأس الملك، والفريقان غنيان عن التعريف فالهلال بلغ نهائي كأس الملك لعام 1381هـ وكسبه أمام الوحدة بـ 3/2 محققاً أول بطوبة في تاريخه الذي يزدان اليوم بـ 62 لقباً.

أما أهلي الرياض فوصل هو الآخر نهائي كأس الملك في الموسم التالي 1382هـ وقابل أهلي جدة لكنه خسر بهدف، من هنا ندرك أهمية تلك المباراة بين الهلال وأهلي الرياض وكيف كانت أهميتها في تزعم أندية الوسطى التي نجح الهلال بتحقيقها فيما بعد وقابل بطل الشرقية -وحدة الخبر- وهزمه ليتأهل الزعيم للنهائي ويقابل الاتحاد ويخسر بنتيجة غير متوقعه (3-0).

عنوان جريدة القصيم كان: (في أروع مباراة يشهدها ملعب الصائغ.. فاز الهلال على الأهلي 1/0). إضافة إلى عنوان آخر: (مبارك وجوهر نجما المباراة.. وشنار أضاع إصابة التعادل للأهلي).

تذكرة المباراة بأربعة ريالات

في مقدمة وصف المباراة كتب الزميل عبدالعزيز الغامدي: «حقق الناديان آمال الجموع الغفيرة التي ضاقت ساحة الصائغ عن استيعابها فلم تجد الغالبية منها رغم الأربعة ريالات التي تقاضاها الملعب من كل مشاهد أماكن في المدرجات ولا كراسي للجلوس فقضت الوقت كله في الساعة التاسعة حتى نهاية المباراة وهي واقفة على الأقدام تتدافع بالمناكب وتتطاول بالأعناق ليتسنى لها متابعة سير المباراة في نشوة وتحفز واهتمام فقد كانت هذه المباراة من أكثر المباريات التي شهدها ملعب الصائغ إثارة وحماسة من أول دقيقة فيها حتى لحظاتها الأخيرة ومن الفريقين وهو ما تميزت به هذه المباراة عن غيرها لأنها لم تكن من جانب واحد فقط.

هجوم هلالي صارخ بقيادة (المهندس)

انتهى الشوط الأول بما فيه من حماس وحرارة بالتعادل دون أهداف وفاتت فيه فرص ذهبية على الجانبين وكاد شوطه الثاني رغم الهجوم الصارخ الذي كان مهاجمو الهلال يشنونه في خفة ومهارة بقيادة (المهندس) مبارك عبدالكريم أن ينتهي ولما يحقق أي من الفريقين أي نتيجة أيضاً فمدافعو الأهلي ومن ورائهم الحارس جوهر الذي وكل إليه حماية عرين الأهلي في الفترة الثانية فكان نجم المباراة لم يدع للهلاليين فرصة هز شباكهم رغم الوابل الكبير من القذائف التي أمطروا به مرماهم في هذا الشوط إلا في اللحظات الأخيرة وبعد دفاع مستميت وكفاح مشرف عندما استطاع الهلال كسب هدف النصر الذي أكسبهم نقطتي المباراة ومعها حيازة الجولة في الدوري الأول لدوري الوسطى بخمس نقاط دون منافسة».

إصابة ودماء

كانت أبرز أحداث الشوط الأول اصطدام مهاجم الهلال (زين العابدين) بمدافع الأهلي (عبدالرحمن بن يحيان) وسالت الدماء من رأسيهما وأخرجا للإسعاف وعادا لإكمال المباراة.

(جوهر ( يتلألأ أمام الهلال

في الشوط الثاني استبدل الأهلي حارسه المخضرم (حامد نقادي) بالحارس الناشئ (جوهر السعيد) وتجلت في هذا الشوط كما ذكر المحرر عبقرية وبراعة مهندس الهلال (مبارك عبدالكريم) كما ظهرت القوة الضاربة التي يتمتع بها الأهلي في خط الدفاع المكون من (الدبابة) علي حمزة وعبود الرويجح ومطلق العبدالمحسن وإبراهيم الشايب، كما برزت عملاقية الحارس جوهر ومتانة أعصابه مع خفة حركاته وسرعة بديهته وهي عوامل النجاح وميزة قلما تتوفر في حراس ملاعبنا، إن هذه المباراة كشفت لنا أن (جوهراً) ما لم يدخله الغرور. وإذا وجد مزيداً من التشجيع والعناية فإن شأناً كبيراً ومستقبلاً عظيماً ينتظره وأنه سيكون أجدر من يتولى حماية عرين فريقنا الأهلي السعودي عما قريب فمزيداً من النجاح لجوهر وتهنئة حارة لأهلي الرياض بحارسه الجديد العملاق.

أول جحفله هلالية بطلها مبارك

وخطف مهندس الهلال وكابتنه (مبارك عبدالكريم) هدف الفوز والوحيد لفريقه قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق وقصة الهدف في الدقيقة 87، قطع سلطان مناحي كرة من بين عبود وابن يحيان وجنّح بها لليمين ثم أعادها بالعرض داخل منطقة الهدف لتجد (المهندس) بانتظارها وبضربة محترمة أرسلها للشباك قفز لها جوهر فلامست يديه ولكنه تخطتهما لتحقق النصر للهلال قبل النهاية بثلاث دقائق، ليرتفع رصيد الهلال إلى خمس نقاط دون منافس.

والد ماجد.. حكم مساعد

قام بتحكيم المباراة الأستاذ الطريفي وساعده الأستاذان أحمد عبدالله -والد الكابتن ماجد عبدالله- وعبدالرزاق وكانا متفاهمين معه وساعداه على نجاح المباراة.

تشكيلة الهلال والأهلي

مثل الهلال: الحارس عبدالله سوا – سعيد بن يحيى – فرج محبوب – سالم إسماعيل – سمارا – زين العابدين – مبارك عبدالكريم (المهندس) – سليمان مطر (الكبش) – سلطان مناحي – صالح أمان – عبدالله الرزقان (كندا).

كما مثل الأهلي: الحارس حامد نقادي في الشوط الأول وجوهر السعيد (الصقر) في الشوط الثاني – علي حمزة (الدبابة) – عبدالرحمن بن يحيان – عبود رويجح – مطلق العبدالمحسن – زيد بن مطرف – راشد بن مطرف – عبدالرحمن بن موزان (الوجيه) – عبدالله بن جمعان – عبدالعزيز الشنار – إبراهيم الشايب.

أسطورة الهلال وقائده مبارك عبدالكريم (يمين) سجل هدف المباراة الوحيد
فريق الأهلي -الرياض حالياً- بشعاره القديم 1383هـ
الهلاليون حسموا مباراة الأهلي لصالحهم ووصلوا نهائي كأس الملك 1383هـ
ضوئية لتغطية جريدة القصيم بتاريخ 29 -4- 1383هـ لمباراة الهلال والأهلي (ارشيف: ابراهيم الهلال)
حارس الأهلي جوهر السعيد في أول مباراة له أنقذ فريقه من هزيمة ثقيلة
نجما أهلي الرياض زيد بن مطرف (يمين) وعبود بن رويجح 1383هـ