لا يخفى على كل متابع أن أهم الأدوار التي تقوم بها المملكة للمساهمة في تحقيق النمو العالمي هو دورها كبلد يضم أرض الحرمين وقبلة المسلمين، وهنا دورها الثقافي في نبذ أي تطرف وتعصب ديني، واقتصادياً دورها كمنتج بترولي ضخم وعبر منظمة أوبك في تحقيق توازن يساعد صناعة البترول على التطور والانتعاش ولا يعيق نهضة الدول المستهلكة، لكن هناك دوراً ثالثاً تريد أن تضيفه المملكة، وهو أن تكون مركزاً للصناعة الرقمية والمعلوماتية، والتي هي مجال السباق العالمي نحو النمو والقوة، يكفي أن نرى كيف أن الولايات المتحدة تتابع بحذر كم المعلومات (data) التي من الممكن أن تحصل عليها الصين مستقبلاً، حيث يتوقع أن تتجاوز الولايات بحدود 58 % عام 2029، وأن تبلغ 48.6 zettabytes وهو ما يعادل ثلث البيانات عالمياً حسب تقديرات IDC، البيانات هي الوقود الذي يقود الابتكار وإعادة صناعة الإنتاج والاستراتيجيات، وهو ما يجعل الصين تخطط أن تعادل إنتاجية الذكاء الاصطناعي ربع الاقتصاد الصيني حسب تقديرات PWC.

اليوم المملكة تحاول عبر خلق بيئة خلاقة تجذب كبرى الشركات للتدريب وجذب الكفاءات البشرية وتأسيس قنوات تمويل للأنشطة الريادية، والأهم هو خلق ثقافة الابتكار والنشاط الريادي، هذه الثقافة هي بكل بساطة ما صنعت النهضة الاقتصادية في الولايات المتحدة من رواد أعمال لا تزال أسواق المال تحمل أسماء شركاتهم التي أسسوها منذ قرن من الزمن حتى الآن.

بالتأكيد صناعة الابتكار والتقنية تعقدت وتطورت وأصبحت تتطلب تجديد وتطوير التشريعات والسياسات بشكل أسرع للحفاظ على بيئة ذكية وخلاقة تكون أكثر جاذبية لجذب العقول والاستثمارات، وهذا ما يحدث لوضع مكانة في صناعة التقنية، أصبحت صناعة التقنية هي المستقبل، ومن المؤشرات على أهميتها أن أهم القطاعات التقليدية انحسرت أوزانها بسبب تقدم التقنية أن حتى أسواق المال، مثلاً S&P انحسر فيها وزن قطاع الطاقة والمصارف إلى دون 15 % والسبب ثقل صناعة التقنية التي تجتاح القطاعات.