كثيرًا ما تحدثنا بوضوح عن رغباتنا المستمرة بالسلام والنجاح والتصالح مع الذات، كما لو كانت خلطات فكرية مسبقة الإعداد، في وقت نجهل أو نتجاهل المرور بخيباتنا: الفشل والهزائم والانتكاسات، من أجل الوقوف مجددًا بقوة وحزم وتوازن جاد.
الاعتراف بالفشل أو الهزيمة هو أول معيار للتعلم، لا أرضية دائمة للندم؛ لأن التمرن على التعاطي معها تعني القدرة على التجاوز والبناء من جديد.. قد تكون الاستجابة للفشل (خسارة النجاح المؤقت) أسرع منها في التعامل مع الهزيمة (الخسارة النهائية وضياع المستهدف)، إلا أن كلا الأمرين أساس لنجاحات تالية متى ما امتلكنا شجاعة الإقرار.
وللأسف، اعتدنا إراحة ضمائرنا المضجرة عبر تعليق اللوم على أسباب خارجية كليًا تحمينا من توبيخ ذواتنا؛ لأننا بذلنا أقل مما يجب أو تصرفنا عكس ما كان ضروريًا، أو قد نكون أخفقنا رغم كل ما بذلنا، إلا أن الفكرة تكون مقلقة متى ما اعتدنا البحث عن سبب في الآخرين أو في الأشياء يبرر خساراتنا.
متى ما كنا أقوياء في مواجهة الانكسار بقوتنا نفسها في التباهي بالإنجاز، نصبح قادرين على التوازن الدائم والاستمرار في مواجهة الحياة بكل تقلباتها، وبناء مسارات مختلفة ومبتكرة بعد كل تعثر من شأنها أن ترمم كل الطرق القديمة، وتلغي كل الخطوات المؤدية للندم والتردد والعتب المتكرر لأرواحنا المرهقة.
ولأن "الانتصار له ألف والد، أمَّا الهزيمة فهي طفل يتيم"، فلا بد أن نتبنى هزائمنا، ونعترف بها ونواجهها ونتجاوزها، ونمضي نصنع هزائم ونجاحات أخرى. الحياة أمتع بالتحديات، والتسلق المتواصل - بكل تحدياته - يمنحنا اللياقة التي نحتاجها لمواجهة كل شيء، بلا استثناء، والسلام..
التعليقات