«ابن سعيد» حضر المباراة كمراقب من رعاية الشباب وتجاهلوا تقريره
شهدت الحركة الرياضية في العاصمة -الرياض- قبل ستة عقود حدثاً تاريخياً فريداً من نوعه بأول احتجاج رسمي يقدم لرعاية الشباب من أندية المنطقة في عام 1383هـ (1963م) كان بطله الفريق الخاسر (النصر) وضحيته الفريق الفائز (اتحاد الرياض) وكلاهما من أندية الدرجة الثانية آنذاك وتقابلا بنهائي بطولة المنطقة الوسطى لتحديد المتأهل لملاقاة شباب مكة المكرمة في نهائي بطولة المملكة للدرجة الثانية والفائز منهما يصعد لمصاف أندية الدرجة الأولى وانتهت تلك المباراة بفوز اتحاد الرياض (1/0) غير أن نادي النصر تقدم باحتجاج رسمي مطالباً بإعادة المباراة مستنداً على تقرير حكمها السوداني محمد الجمل "رحمه الله" الذي أشار فيه إلى إنهائه المباراة قبل انقضاء زمنها الأصلي وقبلت رعاية الشباب الاحتجاج وقررت إعادة المباراة لكن اتحاد الرياض رفض خوضها ليتأهل النصر بانسحاب خصمه وقابل شباب مكة وتغلب عليه بهدف لنجمه ميزر أمان "رحمه الله" فصعد على إثره للدرجة الأولى.
ما ذكره الحكم في تقريره غير مطابق لما رأيناه في ملعب الصائغ
حديث ستة عقود
قبول ذلك الاحتجاج ظل حديث الساحة الرياضية يتردد صداه حتى اليوم برغم مرور 59 عاماً عليه فيما اختفى الضحية (اتحاد الرياض) من خارطة الأندية السعودية اليوم.
«رائد المؤرخين» حضر المباراة
ولمعرفة تفاصيل أوسع عن ذلك الحدث التاريخي تحدث لـ(الرياض) عميد المؤرخين السعوديين د. أمين ساعاتي الذي كان شاهد عيان وشاهد عصر على أحداث تلك المباراة التي جرت في ملعب الصائغ بالرياض قائلاً:
قدر لي حضور تلك المباراة وذهبت للملعب بمعية رائد الحركة التأسيسية للرياضة بالمنطقة الوسطى الشيخ عبدالرحمن بن سعيد بجانب صديقي الحكم الدولي غازي كيال -رحمهما الله- وجلسنا في المنصة نتابع المباراة وكان حضور ابن سعيد وهذه حقيقة أؤكدها للتاريخ لم يكن كمتفرج وإنما كمسؤول رسمي مكلف من رعاية الشباب لمراقبة سير المباراة وكان حينها موظفاً رسمياً برعاية الشباب التابعة لوزارة العمل آنذاك وبعد انتهاء المباراة ذهب «أبو مساعد» وكتب تقريره أن المباراة سارت بصورة طبيعية وانتهت في زمنها الأصلي.
تقرير الحكم غير صحيح
في اليوم التالي لعودتنا إلى جدة أخبرني مكتب جريدة عكاظ في الرياض أن أتريث في نشر النتيجة إذ إن النصر يعد العدة لتقديم احتجاج قانوني يعطيه حق إعادة المباراة وأن الجمهور نزل لوسط الملعب وهذا كله كذب واستغربنا ذلك بحكم أننا كنا حاضرين في الملعب وشاهدنا سيناريو المباراة كما أننا بعد نهايتها هبطنا لأرض الملعب نحن الثلاثة وسرنا من وسط الميدان ولم يكن هناك أي زحمة ولا جمهور هبط لأرض الملعب بجانب أن المباراة انتهت صحيحة 100 % إذ اتجه «أبو مساعد» لسيارته فيما استقللت مع غازي سيارة أخرى متجهين مباشرة من الملعب إلى المطار.
تبرير في منتهى الغرابة
بعدها تفاجئنا بقرار رسمي من رعاية الشباب يفيد أن المباراة لم تنتهِ في وقتها الأصلي وأن حكمها محمد الجمل بعث تقريراً ذكر فيه أنه لم يستطع إنهاء المباراة في وقتها المحدد بسبب حدوث شغب ومضاربات حدثت وأن اللاعب فلان ضرب اللاعب علان وكله كلام وتبرير في منتهى الغرابة.
تفاصيل نص القرار بموسوعتي
وقد ذكرت في المجلد السادس من موسوعتي الرياضية نص قرار رعاية الشباب بإعادة المباراة وجاء فيه:
أولاً: توقيف الحكم السيد محمد الجمل لمدة سنة وسحب إجازته.
ثانياً: إرسال كتاب تنبيه للحكم السيد عبدالرزاق دفع الله بوجوب تقديم تقرير عن كل مخالفة ترتكب على أرض الملعب قبل وأثناء المباراة أو بعدها.
ثالثاً: توجيه إنذار للاعب ميزر أمان من لاعبي النصر الرياضي للعبه الخشن.
رابعاً: منع السيد فرج الطلال الذي هاجم الحكم بعصا يريد ضربه بها وأثار الشغب في الملعب من دخول الملعب طيلة سنة كاملة وذلك تنفيذاً لأحكام المادة (5- و) من القانون الدولي للعبة.
خامساً: توقيف لاعبي النصر الرياضي رزق الله سالمين وناصر كرداش مدة ثلاثة أشهر لمخالفتهما لأحكام المادة (61) من اللائحة العامة للمسابقات والصادرة بالقرار الوزاري رقم 272 وتاريخ 15\2\1383هـ لضربهما مدرب نادي الاتحاد بعد المباراة.
سادساً: لفت نظر رئيس نادي الاتحاد إلى أن سلوكه أثناء التحقيق لم يكن لائقاً.
سابعاً: إعادة مباراة النصر والاتحاد وبنفس اللاعبين المشتركين في المباراة السابقة وذلك في تمام العاشر من يوم الثلاثاء الموافق 25 \ 6 \ 1383هـ وبدون جمهور وعلى أن لا يسمح بالدخول إلا باللاعبين المشتركين في المباراة ومدرب وإداري من كل نادٍ عدا المسؤولين والحكام ورجال الأمن والإسعاف العام وذلك تطبيقاً لأحكام المادة (5- ب) و(7) وقرار الاتحاد الدولي المفسر للمادة المذكورة.
ثامناً: إعادة مبلغ المئة ريال المرفقة لاعتراض نادي النصر لقبول الاعتراض في الأساس والأخذ به.
(التوقيع: مدير رعاية الشباب).
طالبت بمعاقبة الحكم الجمل
وأضاف عميد المؤرخين د. أمين ساعاتي معلقاً على ذلك القرار قائلاً: حقيقة ما أثار استغرابي ودهشتي حين اتصلت كإعلامي بمن أصدر القرار الأستاذ محمد الزايدي الذي كان قائماً بعمل مدير رعاية الشباب الأستاذ عبدالله العبادي الذي كان منتدباً في الخارج وقلت له يا محمد احنا كنا حاضرين وشاهدنا المباراة وسارت أمورها بصورة طبيعية وأن الذريعة بوقوع شغب هو نسج من الخيال المفتعل.
فأجابني قائلاً: والله ما لنا شغل الحكم هو من بعث لنا بالتقرير وذكر فيه تلك الأحداث. فقلت له حتى لو بعث لك الحكم التقرير يفترض أن يحاكم على تقريره البعيد عن الحقائق ثم إن لديكم مندوب رعاية الشباب عبدالرحمن بن سعيد كان حاضراً وكتب تقريراً متكاملاً عن سير المباراة لكن الزايدي تمسك برأيه.
نصحت اتحاد الرياض بعدم الانسحاب
وهناك أمور أخرى صغيرة لم ترَ من البقية لكن بصفتي الإعلامية تواصلت مع أطراف أخرى بخصوص هذا الموضوع ولمعرفة حقيقة القرار المجحف بحق اتحاد الرياض فبعد اتصالي بمدير رعاية الشباب تواصلت مع محمد يحيى وهو من سكان جدة ونقلته وزارة التجارة إلى مدينة الرياض وأصبح عضو مجلس إدارة نادي اتحاد الرياض وقلت له أنصحكم بعدم الانسحاب من المباراة المعادة فأجابني أن إدارة الاتحاد وافقت على اللعب إلا أن لاعبينا غير راضين عن القرار ورفضوا الانصياع إلى قرار إدارتهم لقناعتهم أن فوزهم الأول كان مشروعاً وبالفعل لم يحضروا وأنهى الحكم المباراة بغياب فريق اتحاد الرياض وإعلان فوز النصر. وبالمناسبة الصديق والحكم الدولي السابق عبدالرحمن الموزان أخطأ في حديث سمعته له عن هذه المباراة حين ذكر أن النصر صعد وقابل نادي الوطن بمكة المكرمة والصحيح أنه نادي الشباب في مكة الذي خسر بهدف وصعد على إثره للدرجة الأولى وهذه هي القصة التاريخية بكافة تفاصيلها عن موقعة الجمل الشهيرة أرويها كشاهد عيان وشاهد عصر للتاريخ.






التعليقات