من اطلع على حوار نائب محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس الإدارة العامة للاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يزيد الحميّد في صحيفة "الرياض" الاثنين المنصرم يتلمس جيدا أن الاستثمار الحقيقي الذي تبحث عنه السعودية الآن هو الاستثمار المتعدد سواء في المال أو الإنسان، استثمارات تأخذ ببلادها إلى آفاق اقتصادية أكبر.

من هذا الأفق وهذا الاستثمار العظيم نرى الغابة كاملة بعد أن كنّا نرى الشجرة فقط؟!، الآن نراها كاملة بتفاصيلها وشجرها، وهذا هو واقع الاستثمار الذي تريده بلادنا، بعد أن كان ظاهرا منه البترول فقط كاستثمار وحيد لا نرى غيره، لنصبح في زمن الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعضيده الأمير محمد بن سلمان إلى غابة متجلية خضراء يخطب ودها الجميع كل يريد أن يشاركها.

ومع القيمة الضخمة لاستثمارات السعودية وفقا لرؤية السعودية 2030 أعود إلى المستقبل المشرق الذي يريده خادم الحرمين وولي عهده الأمين لهذه البلاد العظيمة، وهو ما يلمسه الجميع جليا، سعيا منهما لتقديم سبل العيش الكريم للمواطنين ومن خلالها تمكين الاقتصاد وإطلاقه نحو رحاب أكبر، مع تفعيل الدور الأكبر لأبناء وبنات هذا البلد لقيادة التنمية، لذا كان المستقبل محورا مهما، وبما يصنع غدا مشرقا ليس لفترة زمنية مرتبطة بعقد واحد، بل لأجيال مستمرة ستجني خير هذه المرحلة، وسط تأكيداتهما الدائمة أن السعودية لن تتوقف عن كل ما يدعم ارتقائها وبما يحقق المصلحة الوطنية السعودية.

ومع حوار الحميد الذي يأتي تفصيلا مثيرا ولافتا لاستثمارات بلادنا الرائعة، أجد أن ما أفاض به هو الجزء المادي من الاستثمار الأكبر حيث إن الجزء الأهم منه والذي شدد عليه ولي العهد وقائد الرؤية الأمير محمد بن سلمان مراراً وتكراراً هو الاستثمار في الإنسان، وبمعنى أدق بناء السعودي المتمكن، إطلاق إبداعه في ظل الثروة الاقتصادية والفكرية والثقافية وحتى الموروث الكبير الذي تملكه هذه البلاد، ووفق رؤية ولي العهد وأحاديثه أنه الاستثمار الأهم وفق مقومات تختصر الزمن وتيسر المسيرة.

كثيرة هي العناوين السعودية المثيرة والراقية في زمننا الجاري التي تحمل على التفاؤل، تلك التي لا تتوقف أبدا تجوب العالم تُعلم وتتعلم، وعليه فقد كان حديث نائب محافظ صندوق الاستثمارات كافيا وافيا لمعرفة أدق تفاصيل توجهات بلادنا الاستثمارية، فالرسائل والمعاني التي احتواها تؤكد المسيرة المظفرة والارتقاء المستمر للمملكة وترسيخا لمبادئ وثوابت السياسة السعودية الداخلية والخارجية.

الأهم في القول إن بين كل ما يتم عمله والأرقام الضخمة والمشروعات العملاقة لاستثمار أفضل، نكتشف أننا لن نتوقف أبدا لأجل إعادة صياغة بلادنا نحو مستقبل أفضل.. مستقبل لا مكان فيه للتردد والكسل، لا يضيرنا أن نتعلم أو نستعين بمن سبقونا، نتعلم منهم ونبدأ من حيث انتهوا، ونصنع نظريتنا الخاصة، ونستعين بالله ثم بقدراتنا على تنفيذها.