أكدت الاختصاصية النفسية د. مرفت معشي على أن الوسواس ذا المحتوى الديني يزيد مع ارتفاع الجرعات الإيمانية، لذا لا يُستعبد أن نرى تزايده لدى الشخص المصاب خلال شهر رمضان المبارك، ولكن هذا الأمر نسبي ولا يؤخذ على الإطلاق.

وقالت: المقصود بالوساوس ذات الطابع الديني هي التي تتعلق بالنظافة والعبادات، وهي أكثر أنواع الوساوس انتشاراً وأكثرها إزعاجاً للمصابين بالوسواس القهري خاصة في شهر رمضان المبارك، وبما أن رمضان شهر العبادات فيكون العبء أكبر على الكثير من الأشخاص المصابين به.

وأضافت: يعتبر الوسواس القهري من الأمراض النفسية المعروفة، وهو يندرج تحت فئة اضطرابات القلق، حيث ينمو عند الفرد العديد من الأفكار والمخاوف غير المنطقية وغير المُبرّرة تدفعه إلى القيام بالتصرفات وأفعال نمطية متكررة، وفي أغلب الحالات يكون المريض على علم بأن الأفكار والمخاوف التي تسيطر عليه هي أفكار غير سوية، فيحاول بدوره تجاهلها؛ ممّا يزيد من فرصة دخوله في حالات القلق والاكتئاب، وفي وقت لاحق تصبح التصرفات والاستجابات القهرية وسيلة لتخفيف حدة التوتر الذي يتعرّض له.

وأشارت إلى أن أعراض الوسواس القهري تتأرجح بين الزيادة والنقصان، وفي بعض الحالات تلعب درجة الارتياح النفسي من عدمه دوراً كبيراً في ذلك، وقد تظهر الوساوس الدينية في صورة تكرار الصلاة أو الشك في عدد الركعات أو نقض الوضوء أو الشك دائماً من بطلان الصيام لخوف من بلع الريق في الوضوء، ويصاحب هذا الشك إحساس مرتفع بالذنب وقلق نفسي مستمر، حيث قد يتوهم الشخص أنه أفطر قبل أذان المغرب، أو أكل بعد أذان الفجر، وهو الأمر الذي يبقيه في حالة صراع طوال الشهر الكريم، مبينةً أنه على الرغم من وجود هذه الوساوس والأفكار إلاّ أنها لا تدل مطلقاً على قلة الإيمان أو ضعف الشخصية، وإنما هو ابتلاء بسيط، يمكن أن يُعالج بصورة جيدة وممتازة.

وأوضحت أن هناك أمور مهمة لا بد من مراعاتها في العلاج: أولاً إعلام الشخص المصاب بأنه مصاب بالمرض، والتحدث مع المختصين في مجال الطب النفسي لتشخيص المرض بالطريقة الصحيحة، وثانياً تعريف أهل المريض بالمرض؛ لمراعاة المريض والاهتمام به بالشكل الصحيح، وحضه على عدم اليأس والاستسلام، أمّا الأمر الثالث اللجوء للعلاج المعرفي والسلوكي، تحت إشراف المتخصصين.

وقالت: من أهم طرق علاج الوساوس سلوكياً تجاهلها وعدم اتباعها، ومحاولة استبدالها بفكرة مضادة، وعدم الانسياق وراء الأفكار الوسواسية وإكمال الصيام، كما يمكن أن تسهم تمارين الاسترخاء كاليوغا وتدريبات التحفيز الذاتي في التقليل منها، مشيرةً إلى أنه من الحلول تناول المريض الدواء كاملاً وعدم تركه إلى النهاية، خاصةً أن بعض أدوية الوسواس القهري تتطلب على الأقل ستة أسابيع قبل أن تعمل بالشكل الصحيح، مع الالتزام بالعلاج بالجرعات المقررة من قبل الطبيب وعدم الإخلال بها، ذاكرةً أنه قد يحتاج المريض إلى تعديل مواعيد جرعات العلاج لتتناسب مع الإفطار والسحور، لضمان عدم حدوث أي مشاكل خلال الصيام.