لا حديث للعالم السياسي اليوم إلّا عن الرئيس الأمريكي بايدن وحزبه وسياساته. ويكاد المتابع يصاب بالحيرة من حدة تناقض شعارات (أمريكا) "بايدن" عن أميركا "ترمب". وفي غضون أسابيع من تسلّمه الرئاسة أعلن بادين وفريقه مبادئ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة (الجديدة) تحت عناوين: توظيف الدبلوماسيّة وربط قيادة العالم بالتجديد في الوطن وكذلك إعادة الأهميّة لملفات الصحة العالميّة والأوبئة وموازنة العلاقات الدوليّة مع المصالح والقيم الاستراتيجيّة لأميركا والتركيز على تخفيف الأزمات الإنسانيّة ودعم برامج التنمية الدوليّة.

ومن خلال قراءات وترجمات متنوعة يمكن أن نخلص إلى مختصر مبسط يساعدنا في فهم حقيقة ومنطلقات الحزب الديمقراطي. إذ من المعلوم أن الحزب الديمقراطي غيّر برامجه عدة مرات عبر تاريخه إلا أن قيمه الأساسيّة تكاد تكون الأقرب اليوم مع الأيديولوجيّة الليبراليّة. والعجيب أن الحزب الذي كان قد سيطر على الجنوب الأمريكي بعد الحرب الأهليّة الأمريكيّة اشتهر آنذاك بمعارضته للحقوق المدنيّة والسياسيّة للأمريكيين الأفارقة. ولكنه اليوم في مسألة الحريات تجاوز كل ذلك حيث تقول العقيدة الليبراليّة (ذات النزعة اليساريّة) للحزب بأن على الحكومة ألا تتدخل في اغلب النشاطات والحريات وضمان حتى حريّة السلوكيات الجنسيّة بل ودعم الخيارات في هذا المجال قانونيا وثقافيا. ولعل هذا يفسّر كيف أنه مع نجاح ثقافة الديمقراطيين في اكتساح الإعلام القديم والجديد عام 2020 أظهر 334 مرشحًا ممن فازوا بمناصب في انتخابات 2020 انتسابهم علنا لمجتمع المثليين والشواذ وكل ما يندرج تحت مصطلح "LGBTQ" وتعد هذه أعلى نسبة على الإطلاق في أي عام انتخابي.

وكان الحزب قد اضطر إلى تغيير بعض توجهاته بعد خسارة خمس من أصل ست انتخابات رئاسيّة من عام 1968 حتى عام 1992 حين فاز بيل كلينتون. وكان أن تجدّد النصر عام 2008، حين ركب السناتور الديمقراطي باراك أوباما موجة السخط الشعبي والمخاوف الاقتصاديّة ليصبح أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي. ولكن سياساته حرّكت موجات معارضة قويّة له لا سيما مبادرة إصلاح الرعاية الصحيّة. وتزعمت حركة حزب الشاي الشعبويّة المحافظة مواجهة أوباما ما ساعد الجمهوريين على تحقيق مكاسب ضخمة في الكونجرس خلال فترتي ولايته ومن ثم فوز الجمهوري ترمب بانتخابات 2016. ولكن الديمقراطيين اليوم عادوا الى البيت الأبيض مع دعم لا محدود من شركات التقنية ووسائل الإعلام التي ضاقت بعجرفة ترمب وسوء تعامله مع الحساسيات الثقافيّة والاجتماعيّة في بلد تتقاذفه المشكلات الاقتصاديّة وسطوة وباء كورونا الفتاك.

  • قال ومضى:

من يخفي القناعات خلف الأقنعة.. لن تقنعه!!