حققت شركات الوساطة المالية إجمالي إيرادات تجاوزت الثلاثة مليارات ريال من عمولات التداول في سوق الأسهم السعودية هذه الأرقام تقديرية بناء على قيم التداول التي تمت خلال العام 2020 مع الأخذ في الاعتبار أن هنالك خصومات في عمولات التداول تمنحها الشركات لكبار المستثمرين أو العروض التي تُقدم لاستقطاب مستثمرين جدد، الأرقام لاشك أنها عالية ومجزية لشركات الوساطة وخصوصاً مع القفزة الكبيرة التي حدثت في قيم التداول خلال العام 2020، المصاريف أيضاً انخفضت مع إغلاق الكثير من صالات التداول وتقليص عدد العاملين، التحول الرقمي وتطوير القنوات التقنية والتطبيقات على الأجهزة الذكية جعلت التداول أكثر سهولة ومكنت المستثمرين من ممارسة عمليات البيع والشراء في السيارة والمكتب والمنزل وأثناء السفر وحتى أوقات الراحة والاسترخاء، ولذلك متوقع في المستقبل تنامي عدد المستثمرين في السوق المالية السعودية وخصوصاً فئة الشباب، هذا يقودنا إلى مطلب مهم ألا وهو تنمية ثقافة الاستثمار في السوق المالية لدى هذه الفئة لكي لا يقعوا في أخطاء قد تؤثر على مدخراتهم، ثقافة الادخار من الأهداف المهمة التي تسعى رؤية 2030 الى تعزيزها وتنمية مدخرات الأسر ومن الوسائل المساعدة على تنمية هذه الثقافة هي السوق المالية، متى ما وجدت سوق مالية تحقق أعلى درجات العدالة والشفافية، ولا شك أن هيئة السوق المالية تسعى إلى تصحيح كثير من الممارسات الخاطئة وهذا سوف يساعد مستقبلاً السوق على رفع كفاءة الاستثمار وزيادة عدد المستثمرين، ولكن هنالك دورا مهما لشركات الوساطة في تطوير أدوات الاستثمار في السوق المالية والتركيز على المستثمرين الجدد من خلال عقد دورات متخصصة في التحليل المالي والتحليل الفني وأساسيات السوق وتأثيرات حركة الأسواق العالمية وأسواق النفط على السوق السعودية وأن تكون الدورات مجانية ومستمرة وفي أوقات متعددة لكي تكون متاحة لكافة المستثمرين ومجانية للعملاء وخصوصاً أن الدورات مع تطور وسائل الاتصال أصبحت أسهل وأقل كلفة ويمكن تسجيل أعداد كبيرة في كل دورة، وأتمنى أن تشترط هيئة السوق المالية حصول المستثمر على دورات متخصصة في الاستثمار لكي يسمح له بالتداول وبذلك نحمي السوق من الممارسات التي تنطوي على جهل المستثمرين والتي تؤثر على كفاءة التداول.

في الأسبوع الماضي شهدت بورصة "وول ستريت" الأميركية ما يشبه "ثورة" للمستثمرين الهواة الذين تكاتفوا من خلال منصة للتواصل الاجتماعي ونفذوا عمليات شراء ضخمة كبدت حيتان البورصة خسائر بمليارات الدولارات، منذ مطلع عام 2021، حيث ارتفعت أسعار أسهم عشرات الشركات بشكل حاد، ومنها سهم شركة "جيم ستوب" لبيع ألعاب الفيديو، الذي صعد بشكل جنوني، حيث قفز بأكثر من ألف بالمئة على مدى الأسبوع الأخير، وفي ظل هذه الارتفاعات تكبد لاعبون رئيسون مثل صناديق التحوط خسائر قدرت بنحو 70 مليار دولار، ووقفت وراء الصعود مجموعة من المستثمرين الأفراد الهواة، الذين قادوا ثورة في وجه كبار المستثمرين، صحيح أنهم كسبوا الحرب في البداية لكنهم خسروا المعركة لأن الإمكانات العالية والخبرات المتراكمة تقف في صف حيتان "وول ستريت " إلا أن هذه الظاهرة قد لا تنتهي بخسارة الهواة للمعركة وقد تعود هذه الممارسات إلى السوق الأميركية مرة أخرى وقد تنتشر في الأسواق الأخرى ومنها السوق السعودية ولذلك نناشد هيئة السوق المالية بدراسة هذه الظاهرة ووضع ضوابط وآليات تحمي السوق من الممارسات العشوائية وخصوصاً مع بدء تطبيق العقود المستقبلية لمؤشر (إم تي 30) وهو المنتج الأول في سوق المشتقات وما يتبعها من مشتقات أخرى مطبقة في الأسواق العالمية.

هيئة السوق المالية السعودية تشارك البنك المركزي السعودي في مبادرة فنتك السعودية، البنك المركزي صرح لمجموعة من شركات الفنتك للعمل تحت مظلة البيئة التجريبية وصرحت رسمياً لبعض الشركات التي اجتازت الفترة التجريبية، ومتوقع خلال السنوات القادمة تنامي نشاط التمويل والاستثمار عن طريق التطبيقات الذكية، وأتمنى أن نرى إطلاق مبادرات مخصصة للاستثمار في السوق المالية السعودية بطرق مبتكرة وسهلة ومتاحة للجميع لكي تستقطب صغار المستثمرين وتتخصص في تداول الأسهم منخفضة المخاطر مع تقديم معلومات للمستثمرين لمساعدتهم في اتخاذ قرارات استثمارية صائبة ومنح حوافز للمستثمر الذي ينجح في تنمية محفظته، هذا من شأنه تطوير الثقافة الاستثمارية والادخارية لدى الأفراد وتعزيز عمق السوق بتنويع المستثمرين وخصوصاً أن حجم الإدراج في السوق المالية خلال السنوات المقبلة سوف يكون عاليا ومن المصلحة زيادة أعداد المستثمرين.