برع المحتالون وللأسف الشديد في الآونة الأخيرة في ابتكار وتجديد أساليب احتيالاتهم، من خلال تسخير وسائل تقنيات الاتصال اللاسلكية الحديثة والمتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى ضحاياهم لتنفيذ عملياتهم الاحتيالية.

ومن بين وسائل الاحتيال الحديثة والمتجددة للمحتالين التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة، التخفي والتستر وراء اسم جهة أو مؤسسة رسمية، بما في ذلك شخصية مشهورة ومعروفة لتنفيذ عملياتهم الاحتيالية من خلال إيهامهم للضحايا بأن الرسالة الاحتيالية صادرة عن جهة موثوقة، مما يسهل عليهم تمرير رسائلهم الاحتيالية بيسر وسهولة.

حَذر صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، مؤخراً من أي مواقع أو حسابات أو تواصل ينتحل اسم الصندوق، بهدف الاحتيال المالي، مؤكداً أنه لا يقدم أي خدمات مالية أو استشارية مباشرة للأفراد، ومشدداً في نفس الوقت على ضرورة الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية فقط.

كما وحذرت النيابة العامة من الممارسات المنطوية على الاحتيال المالي كالإغراء بثراء سريع أو الوعد بمداخيل إضافية على نحو غير واقع عبر المُتاجرة بالفوركس أو الأصول الرقمية غير المرخصة. وحذرت أيضاً من المساهمة في هذه الأعمال عن طريق تمكين الآخرين من استخدام الحسابات الشخصية لهذه الممارسات. في حين حَذرت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، عموم المواطنين والمقيمين من الوقوع ضحية لإحدى ممارسات الاحتيال المالي من خلال التجاوب مع رسائل مشبوهة تستخدم صفتها (اسمها) أو يدعي مرسلها أنه من منسوبي المؤسسة وذلك باستخدام وسائل التواصل المختلفة.

ونبهت كذلك اللجنة الدائمة للتوعية والتحذير من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية "الفوركس" غير المرخص، عموم المواطنين والمقيمين من الأساليب التي تستخدمها شركات وأشخاص غير مرخصين للإيقاع بضحاياهم والترويج عن استثمارات وهمية في الفوركس غير المرخص والعملات الافتراضية وأعمال غير مشروعة في المملكة. وبينت اللجنة في تحذيرها، أن الجهات والأشخاص الذين يمارسون هذه الأعمال الاحتيالية يستخدمون طرقاً عديدة للتحايل على العموم، من أبرزها الادعاء أنهم أحد منسوبي الجهات الحكومية ويقومون بتزويد الضحية بنماذج استثمار مزيفة ويوهمون الضحية بأن الأمر له علاقة بأرباح أو استثمارات أو شراء أسهم للاكتتاب في إحدى الشركات، وطلبهم من الشخص الضحية تحويل مبلغ مالي للبدء في الاستثمار، ومن ثم يقطعون التواصل مع الشخص بعد الحصول على أمواله.

ومن صور الاحتيال أيضاً التي نبهت اللجنة إليها، قيام تلك الجهات غير المرخصة بالادعاء أنهم من شركة استثمارية مرخصة في المملكة، حيث يطلبون فتح حساب جارٍ جديد في أحد البنوك المحلية مدعين أنه لغرض استقبال الأرباح ويطلبون مشاركتهم الأرقام السرية للحساب البنكي، ومن ثم يتم استقبال أموال في هذا الحساب من ضحايا آخرين ليقوم بعدها الأشخاص أو الشركات غير المرخصين بالاستيلاء على هذه الأموال وتحويلها خارج المملكة، ويكون الضحية صاحب الحساب البنكي مسؤول أمام الجهات المختصة بسبب استخدام حسابه في أعمال إجرامية وتسهيله لذلك.

برأيي بصرف النظر عن الأسلوب المستخدم في الاحتيال سواء مباشر أو غير مباشر أو الذي يتخفى ويتستر وراء جهة أو مؤسسة رسمية أو غير رسمية، فإن يقظة المواطن والمقيم هي مربط الفرس وحجر الزاوية وطوق النجاة من الوقوع في عملية احتيال مالي ونصب مصرفي، وذلك بعدم التعامل مع جهات مالية أو استثمارية غير مرخصة تحت أية ظروف أو مبررات، سواء التي ترتبط بالحاجة للمال أو الرغبة في الثراء السريع، باعتبار أن جميع هذه المبررات تفتقد للمنطق من جهة، وليست عقلانية من جهة أخرى، وبالذات حين النظر إلى نتائجها وعواقبها الوخيمة، التي غالباً ما تنتهي بضياع الأموال وتبديد الثروات وتعريض المستثمر غير الواعي والمدرك لخطورة تصرفه للمساءلة القانونية من الجهات الأمنية المختصة.