من المفترض، أو هكذا نعتقد أن تكون جميع وسائل الإعلام التابعة لدولة ما وطنية، وأقصد بـ"وطنية" هنا أنها تتناغم وبشكل رائع مع سياسة الوطن، وتوجهاته، وأي وسيلة إعلامية تشذ عن مثل هذا التناغم يلزم إغلاقها لما في استمراريتها من خطر على الوطن والمواطن، وهذه هي القاعدة العامة لجميع الوسائل الإعلامية وعلاقتها بالوطن.

ولكن هناك درجة أعلى تتمايز فيها وسائل الإعلام وهي الانتقال من درجة وطنية الإعلام إلى الإعلام الوطني، وأقصد بالإعلام الوطني ذلك الإعلام الموجه نحو تقديم الصورة الحقيقة للوطن، ورموزه، وسياسته، وإنجازاته، وإنسانه.. إلخ. ويتخذ مثل هذا التقديم لصورة الوطن شكلين متطابقين في الهدف ومختلفين في الآليات.. الأول، الشكل السردي الوصفي الذي يقدم هذه الصورة عن الوطن لأولئك غير العارفين بها، وبالتالي يزرع في نفوس هؤلاء الصورة الحقيقية والإيجابية عن الوطن، أما الشكل الثاني فهو الشكل النقدي الذي يقوم بتفكيك الخطابات الإعلامية والصور المغلوطة سواء بقصد أو دون قصد عن الوطن ليبني محلها الصور الحقيقية والمنصفة. وبذلك يكون دور هذا الإعلام الوطني دورًا محوريًا قائماً على كشف الحقائق، والتبصير، والتوعية، والتثقيف، والتنوير بالقضايا المهمة في الوطن والتطورات الجارية فيها، وتعزيز صورة الوطن وسياسته داخلياً وخارجياً. وبذلك يتجاوز الإعلام الوطني التعريف التقليدي للإعلام بأنه: "مجموعة من قنوات الاتّصال المُستخدَمة في نشر الأخبار أو الإعلانات الترويجيّة أو البيانات.. إلخ".

والحقيقة أن مفهوم الإعلام الوطني لا يقتصر على المؤسسات الإعلامية الحكومية، بل يشمل القنوات الخاصة التي ارتأت أهمية التركيز على هذا الجانب، وفي هذا الصدد برزت قنواتنا جميعها حتى الخاصة، فلقد نجحت هذه القنوات ببرامجها السياسية في أن تواجه الإعلام المعادي وتفكك خطابه الإعلامي، وتبني محله الصورة الحقيقية للمملكة وسياستها، وذلك عن طريق زيادة الوعي السياسي للمواطن السعودي، وفضح الكثير من المؤامرات التي تستهدف المملكة عبر خطاب إعلامي نقدي ورصين، وبذلك أصبحت هذه القنوات قبلة للمهتمين بالشأن السياسي والباحثين عن مصدر المعلومة الدقيقة، وعن التحليل السياسي العميق، وهذا يقودنا إلى التأكيد على أهمية الإعلام الوطني الخاص الذي ينطلق من شعوره الوطني نحو خلق فضاء إعلامي وطني قادر على أداء مهمته الإعلامية بكل اقتدار.

مع تمنياتي أن ينجح إعلامنا بجميع قنواته بتقديم بعض برامجه باللغة الإنجليزية لكي يرى الغرب كيف ينظر السعوديون لقيادتهم ووطنهم، بعيداً عن الإعلام المغرض الذي يحاول أن يقدم صورة مغايرة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم في المملكة.. تلك العلاقة التي تمثل - ولله الحمد - الصخرة التي تتكسر عليها جميع المحاولات الهادفة إلى النيل من الوطن وقيادته وشعبه الكريم.