سوق الأسهم هذا العام ليس كما كان في الأعوام السابقة، الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا غيرت المشهد الاقتصادي ككل ليس في السعودية فحسب بل في العالم اجمع برامج التحفيز الاقتصادي وخفض أسعار الفائدة التي يفترض أن تدعم النشاط الاقتصادي يبدو أنها دعمت أسواق الأسهم أكثر وأصبحت هي القناة الوحيدة التي جذبت المستثمرين إليها، الارتفاعات في الأسعار مازالت مستمرة وبعض الشركات حققت أرقاماً لا تعبر عن القيمة الحقيقة لها ولا أظن أن المستثمرين أصبحوا يلتفتون للأساسيات بل أصبحت النظرة للمكاسب الرأسمالية التي تتحقق من ارتفاع سعر الورقة المالية.
سوق الأسهم السعودية في قلب العاصفة التي تسير في ذات الاتجاه مع الأسواق العالمية ولا ندري متى تهدأ هذه العاصفة وأين ترمي بالمستثمرين الذين ضخوا أموالهم طلباً للمكاسب العالية التي تحققت خلال الأشهر الماضية، حكومة المملكة أنفقت المليارات من الريالات من أجل المحافظة على القطاع الخاص ودعمت القطاع المصرفي بالسيولة من أجل مساعدته للقيام بأدواره الأساسية لإقراض الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لكي تستطيع تجاوز الأزمة.
هذه البرامج التحفيزية لاشك بأنها قد ساهمت في المحافظة على القطاع الخاص من الانهيار وبدأ فعلياً يتعافى وكذلك خففت من تداعيات الأزمة على سوق الوظائف، الأموال التي ضُخت في الاقتصاد رفعت المعروض النقدي إلى رقم قياسي غير مسبوق، سوق الأسهم السعودية كان له نصيب من السيولة العالية التي ظهرت بشكل واضح من خلال التداولات اليومية حيث كانت قيم التداولات بالكاد تصل إلى مستويات 4 مليارات ريال في الجلسة الواحدة إلا أن الأشهر الأخيرة وصلت فيها قيم التداولات إلى سقف 19 مليار ريال في الجلسة الواحدة.
هنالك أربعة مصادر للسيولة سوف نذكرها ثم نحاول تحديد مواعيد خروجها من السوق، المصدر الأول سيولة من داخل السوق إما انها سيولة في المحافظ غير مستغلة أو أنها في أسهم القيمة ولكن تغير سلوك المستثمر من السلوك الاستثماري إلى السلوك المضاربي وأصبحت هنالك عمليات تدوير للسيولة عدة مرات في الجلسة الواحدة، وهذه السيولة لمستثمرين لديهم الحد الأدنى من الخبرة في التعامل مع الأسهم ولذلك عند شعورهم بالخطر من السوق سوف يقومون بتسييل محافظهم، المصدر الثاني من السيولة جاء من النشاط التجاري الذي تراجع بشكل واضح وبالتالي وجد البعض من رجال الأعمال أن السيولة لديهم أصبحت عالية وقد لا يحتاجون إليها على الأقل حتى نهاية العام وكما هي عادة رجال الأعمال لا يحبذون أن تكون لديهم سيولة غير مستثمرة.
وبما أن جميع القنوات الاستثمارية أصبحت غير مجدية ولا مجال أمامهم إلا سوق الأسهم فقد تحولت سيولتهم إلى سوق الأسهم، هذه السيولة متوقع أن تخرج تباعاً من سوق الأسهم مع تحسن النشاط التجاري وفتح المنافذ للمسافرين وخصوصاً موسم العمرة، المصدر الثالث للسيولة جاء من المستثمرين العقاريين ولوحظ ذلك خلال الربع الثالث مع البدء في تطبيق ضريبة القيمة المضافة 15 % إلا أن هذه السيولة بدأت تعود تدريجياً إلى النشاط العقاري بعد إلغاء ضريبة القيمة المضافة واستبدالها بضريبة التصرفات العقارية 5 % وهذا ما أكده تقرير الهيئة العامة للزكاة والدخل بأن عدد طلبات تسجيل المبايعات العقارية في خدمة ضريبة التصرفات العقارية، بلغ مستوى قياسياً في أيام قليلة تجاوز 8,286 طلبا على مستوى مناطق ومدن المملكة، ولوحظ أيضاً من خلال انخفاض قيم التداولات في سوق الأسهم في الجلسات الماضية.
المصدر الرابع للسيولة جاء من الأفراد خارج السوق والذين أغرتهم المكاسب العالية التي حققتها بعض الأسهم المضاربية والتي تجاوزت أرباحها 150 % وهؤلاء المستثمرين هم من نخشى عليهم لأنهم غير محترفين ويتبعون توصيات وهمية قد يكون وراءها كبار المضاربين الذين يرفعون بهم الأسهم إلى مستويات عالية ويتم تصريف أسهمهم عند أسعار معينة وترك صغار المستثمرين يجنون الخسائر.
نصيحتي لكل مستثمر في سوق الأسهم من الأفراد غير المحترفين هو الخروج من السوق فالدراسات أثبتت أن 70 % من المستثمرين الأفراد الذين يضاربون في السوق يتعرضون للخسارة على المدى المتوسط، وإن كان لابد فالخيار الثاني هو التحول من السلوك المضاربي الى السلوك الاستثماري فأسهم القيمة والتي لديها توزيعات مستمرة أو الأسهم الدفاعية التي لا تتأثر بالدورات الاقتصادية هي خيار جيد قد تحقق للمستثمر مكاسب أقل ولكن من المؤكد بأن الاستثمار فيها على المدى المتوسط والطويل لن يعرض المستثمر للخسارة.
أما الخيار الثالث، الاستثمار في سوق الأسهم ولكن عن طريق الصناديق الاستثمارية وان كانت هذه الصناديق من الأوعية الاستثمارية عالية المخاطر إلا أنها أفضل في تحقيق عوائد جيدة ومخاطر أقل بكثير من الاستثمار المباشر في سوق الأسهم ويمكن الاطلاع على أداء هذه الصناديق من خلال موقع تداول ومعرفة أفضل الصناديق أداء خلال السنوات الماضية وتقييم أياً من الصناديق التي تستحق الاستثمار معها، وإن كنت أفضل تفتيت المخاطر عن طريق تنويع الصناديق والأسواق التي يتم الاستثمار فيها.

التعليقات