يبدو أن زخم بعض مشاهير التواصل الاجتماعي بات عبئًا ثقيلًا على المجتمع، بعدما تطاولت أشواق هؤلاء من الـ"شير ولايك"، إلى التدخُّل فيما لا يعنيهم، أو تقمُّص أدوار تُعد من صميم أعمال جهات أخرى، بما يسوق على المشاهير شبهات عدة، أو على الأقل تساؤلات، وعلامات استفهام.

ما الذي يدفع بعض مشاهير السوشيال ميديا لتبنِّي قضايا أشخاص معيّنين، والتسوُّل باسمهم على أنهم في مسيس الحاجة للمساعدة، واستعطاف الناس لتقديم الدعم لهم؟ في حين أن الدولة ترخِّص لعشرات، بل مئات الجمعيات الخيرية، وتدعمها لتقديم الأعمال والمبادرات الخيرية، إذ تسلك هذه الجمعيات طرقاً، وقنوات مشروعة لطلب الدعم، ومنحه للمحتاجين.

استغلال مشاهير السوشيال ميديا لعطف السعوديين، وطيبتهم، وسجيتهم التي جُبلت على العطاء، وحب الإنفاق، ومساعدة الآخرين، يضر بالمجتمع، ويشوِّه صورته، ويجعل المشاهير على مرمى الاتهامات والشبهات، والتساؤلات عن أسباب تصيُّدِهم لباعة الطرق، وأصحاب البسطات، والتسوُّل باسمهم عبر نشر فيديوهات، وإرسال رسائل، في ظل وجود جمعيات خيرية عديدة لها القدرة على تقديم الدعم لكل من لديه الحاجة، بعد دراسات وبحث اجتماعي عادل.

هذا السلوك الذي عَدَّهُ بعض المشاهير ابتكارًا، ينطوي على العديد من المحاذير الأمنية، أبرزها مدى تأكد هؤلاء من أن هذا الدعم سيذهب لمستحقيه فعلًا، كما أنه يُعد تجاوزًا واضحًا للضوابط التي أقرتها الدولة، لضمان عدم استغلال الأعمال الخيرية في غير أغراضها.

ويعلم الجميع أن المملكة تنعم بمؤسسات، وجهات خيرية عديدة تقوم بدورها بوجه كامل، تحت رقابة وضوابط الجهات الحكومية ذات العلاقة، وهي تنفذ برامج وخططًا لدعم المحتاجين، فضلًا عن وجود صندوق التنمية الاجتماعية، وغيره من المؤسسات المهتمة بالمجتمع والأسرة والفرد.

ويعني ذلك بجلاء، أننا نعيش في دولة تحكمها الأنظمة والسياسات الرشيدة، وأن أي مبادرة لا بد أن تكون تحت مظلة رسمية، وليست عملًا فرديًّا، لضمان وصولها لمستحقيها الأساسيين.

إن محاولة بعض مشاهير التواصل الاجتماعي تبنِّي قضايا مدِّعي الحاجة، وربما التكسُّب من ورائهم، على طريقة "أنفع وأستنفع"، تترتب عليها خطورات أمنية، وثغرات في اشتراطات الإعلان، وهو ما يستدعي المطالبة بوضع ضوابط لإعلانات المشاهير، وظهورهم، خصوصًا أن وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، لديها سياسات وضوابط محكمة، تلتزم بها عند نشر الإعلان. كما أن نظام جمع التبرعات وصرفها داخل المملكة وفقًا للمادة الثامنة من لائحته التنفيذية، نصَّ على أن "لا يجوز لوسائل الإعلام والاتصال المختلفة النشر أو الإعلان عن جمع التبرعات لأي جهة خيرية ما لم تكن تحمل الترخيص اللازم من الجهة المشرفة، مع معاقبة كل من يجمع التبرعات أو يدعو إليها دون الحصول على موافقة رسمية بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتين".