لطالما ردد الجمهور السعودي وتمايل مع فنان العرب محمد عبده أثناء تغنيه برائعته الوطنية "أجل نحن الحجاز ونحن نجد"؛ التي كتب كلماتها الراحل غازي القصيبي رداً على ادعاءات الإعلام العراقي إبان غزو الكويت 1990م، حينما كان يردد في قنواته ووسائله الإعلامية مصطلحات "أهلنا في الحجاز ونجد"؛ في محاولة بائسة للوقيعة بين الشعب السعودي وقيادته الكريمة، إلا أن تلك الدعاوى والنداءات لم تقابل إلا بمزيد من اللحمة والالتفاف بينهما، في مشهد أغاظ الأعداء وانقلبوا حاسرين مكسورين من الهزيمة المعنوية والحسية.
"أجل نحن الحجاز ونحن نجد" هكذا صاغها غازي على لسان جميع أفراد الشعب السعودي، والتقطها محمد عبده أثناء تجنيده ضمن المتطوعين لتقديم الدعم والمساندة للقوات المشاركة في تحرير الكويت، وأداء العديد من المهام من ضمنها تسجيل أغانٍ وطنية تلهب الحماسة في قلوب أبناء الوطن وتغيظ أكباد العدو، فقام بتأليف ألحانٍ حماسية تواكب وقع كلمات القصيدة الملتهبة، وقد استذكر فنان العرب تلك التجربة المختلفة مع "الرياض" ووصفها بقوله: لا تُنسى إطلاقاً تلك الأيام، فقد جعلنا أنفسنا فداء للوطن وزاحمنا المتطوعين لخدمة جيشنا الحبيب، في تلك السنة جعلت من الأستديو ورشة عمل مفتوحة لإنتاج الأعمال الوطنية التي شارك فيها عدد من الفنانين، وكان الشعراء والملحنون والمغنون يترددون على الأستديو لتسجيل أعمالهم، سنة لا تنسى فقد كانت جلّ أعمالي تنصب فيها على الأناشيد والأغاني الوطنية ومن ضمنها "أجل نحن الحجاز ونحن نجد" للراحل غازي القصيبي، الذي جمعتني به مواقف وأغانٍ خالدة.
في تجربة حسية عميقة بين الوطن وأهله، كان الأستديو الخاص لـ"فنان العرب" ممتلئاً وزاخراً بكل القامات الثقافية من مختلف أنحاء الوطن، هكذا كان يقول محمد عبده، فقد كرسوا كل جهودهم في خدمة الوطن، وكان العديد من الفنانين والشعراء يترددون على الأستديو لتقديم أعمالهم الوطنية ردًا على العدوان الغاشم ومن بين تلك الأسماء: طلال مداح وإبراهيم خفاجي وسامي إحسان ومحمد شفيق وعبادي الجوهر وغيرهم من الذين ساهموا معنا في جعل الأستديو مركزًا حقيقياً لجلسات العمل والمشاورات وكتابة الكلمة واللحن.
وأضاف فنان العرب أن تجربته مع الراحل الكبير غازي القصيبي، كانت نوعية وثرية، وقد تجلّت في سماء العمل الفني الوطني الوصفي، بعد أن اشتركا في عدد من تلك الأعمال أبرزها: "مشرق النور"، و"عروس الربى أبها" إلى جانب أوبريتات وطنية منها: "أرض الرسالات والبطولات، أجل نحن الحجاز ونحن نجد"، غازي كان يكتب بشكل مختلف، تعامله وصداقته أيضاً مختلفان، أديب بمعنى الكلمة، يكتب للوطن كعاشق متيم، فتجده موجوداً وحاضراً في كل لحظة من لحظات الوطن.

التعليقات