قلة الممثلين السعوديين وخاصة العنصر النسائي جعل الاستعانة بالممثلين الخليجيين والعرب أمر ضروري لا بد منه، وبما أن اللهجة السعودية قد تكون أكثر اللهجات اختلافاص مقارنة ببقية دول الخليج باستثناء المنطقة الشرقية التي يقارب لهجة سكانها دول الخليج، هذا الاختلاف يجعلك تشعر وأنت تتابع عملاً درامياً لممثلين من المنطقة الوسطى وبمشاركة ممثلين خليجيين وعرب بأنك بحاجة إلى ضبط نفسي كي تتمكن من متابعة العمل، فقد تقبل أن يكون الأب نجدياً يتحدث اللهجة النجدية القح وتكون الزوجة تتحدث اللهجة الكويتية أو البحرينية من باب التزاوج الخليجي أوالعربي، ولكن ما هو التبرير عندما يكون الوالدان يتحدثان بهذه اللهجة والابنة تتحدث المصرية أو الأردنية؟! هنا لن تستطع أن تخدع نفسك أو بمعنى ألطف تروضها!!

نعرف جيداً صعوبة اللهجة السعودية وصعوبة اجادتها والتحدث بها على غير الناطقين بها، ولكنا نعرف أيضاً إن كان الممثل الذي أمامنا يأخذ أمر تعلم اللهجة التي سيؤدي دوره من خلالها بشكل جدي أم لا، فتعلم لهجة العمل من الأدوار الصعبة التي على الممثل إجادتها ليجعل المشاهد ينسجم مع العمل ولا يشعره بشرخ حقيقي، فعندما تشاهد أفراد أسرة واحدة كل يتحدث بلهجة مختلفة تماماً فبدل أن تتابع أحداث العمل تتحول المتابعة إلى مساحة جيدة من النكت والتعليق، علاوة على أننا سنعرف وقتها اهتمام الممثل بعمله وهل هو مقدم عليه لقناعته به أو لأسباب أخرى!! بالإضافة إلى أن هذا الوضع يجعلنا نعرف حرفية المخرج وإحساسه في عمله، فالمخرج المحترف لا يرضى أن يكون هناك تهاون في العمل والاستخفاف باللهجة التي تعتبر حوار العمل علامة على الاستخفاف بالعمل ككل، ولدينا أمثلة عديدة على الجودة وعدمها في هذا المجال، فمن أمثلة الجودة، شاهد بعض الأعمال المصرية على سبيل المثال - تم الاستشهاد بها بسبب انتشارها - التي يشارك بها ممثلون من بلاد المغرب لا تشعر بأي غربة، فالممثل أو الممثلة تستطيع أن تؤدي دور الفلاحة الصعيدية بإجادة فائقة رغم أنك عندما تشاهدها في مقابلاتها التلفزيونية أو وجهاً لوجه لا تسمعها تتحدث إلا بلهجة بلدها حتى وإن كانت متقنة للهجة المصرية، خاصة عندما يأخذها حماس الحديث فتنسى اللهجة المصرية وتعود دون أن تشعر للهجتها الأصل، بينما نراها في الأعمال الدرامية تثور وتغضب ولكن تبقى اللهجة المصرية هي المسيطرة، وبطبيعة الحال ذلك عائد لعدة أسباب منها اهتمام الممثلة ذاتها بأن تكون جيدة جداً في عملها وأدائها، وكذلك المخرج الذي يعي جيداً أن اللهجة وهي وسيلة الحوار من أساسيات العمل وعلى الجميع إجادتها كما ينبغي ويتطلب نجاح العمل، ويبدو أن هذه العوامل ليست ذات أهمية لدى معظم العاملين لدينا في هذا المجال، لذا لا نجد أي جهد لمحاولة إجادة اللهجة السعودية ولو بشكل بسيط وهذه أمثلة من عدم جودة العمل الدرامي لدينا وكأن المسألة تطبق المثل القائل: عمل يفوت ولا حد يموت.