بداية أقول إنني لست من أنصار العمل عن بعد إلا في حالة الضرورة، كما حصل حين اتخذت الدول كافة احترازات للوقاية من وباء كورونا. هذا الرأي مصدره القناعة بأهمية وضرورة التواصل الإنساني المباشر.
عودة الموظفين للعمل عن قرب في زمن كورونا تحتاج إلى تهيئة بيئة العمل بما يتفق مع الاحترازات الضرورية للوقاية، كما تحتاج إلى تهيئة نفسية للموظف.
حين يعود الموظف إلى مقر العمل، ويتجه لمقابلة المدير حسب طلب الأخير ثم يتفاجأ أن المدير لا يلبس الكمامة.
هل يفتح معه الموضوع بسؤال مباشر، أو غير مباشر، أم يتحدث عن كورونا والنصائح المتعلقة بالاحترازات، أم يخرج من المكتب، أم يتحدث عن الطقس؟
حين يقابل الموظف زميله ويهم بمصافحته أو تقبيله، أو عندما يقترب منه زميله أكثر من اللازم، أو يستلم أوراقاً من مراجع ويشك في نظافتها. حين يحضر اجتماعاً ليس فيه تباعد. في مثل هذه المواقف، هل يكون صريحاً ويعترض على هذه المخالفات، أم يصمت خوفاً من اتهامه بتهمة القلق.
هل أصبح القلق تهمة؟ القلق حالة إنسانية موجودة في كل إنسان بدرجات مختلفة. هناك قلق سلبي وهو القلق المبالغ فيه، وقلق إيجابي له دور مؤثر في تحقيق النجاحات كما يحصل في الاختبارات المدرسية والمقابلات الوظيفية والصفقات التجارية وغيرها.
بالمفهوم السابق للقلق، يمكن القول: إن قلق الموظف من مخاطر كورونا قلق طبيعي. الجانب الآخر للموضوع هو التصرف الذي سيتخذه الموظف حين يلاحظ بعض الأخطاء سواء الأخطاء التي تؤثر على الصحة، أو الأخطاء المضرة بمصلحة العمل. هل يجامل في الحالة الأولى هروباً من تهمة القلق كما ذكرنا؟ أو يصمت في الحالة الثانية حتى لا تلحقه تهمة أخرى فيقال عنه إنه "بثر" أو مزعج. مع أن هذا الإزعاج قد يؤدي إلى اكتشاف حالة فساد إداري أو مالي.
نعود لقلق كورونا ونذكر العاملين في القطاعات المختلفة بظروف العاملين في القطاع الصحي. هؤلاء لا يتاح لهم العمل عن بعد ويقومون بمسؤوليات جسيمة تحت ظروف صعبة، وهم بشر معرضون للقلق والأمراض، ومطلوب منهم التحمل والأداء المتقن والتعامل الإنساني الرائع الذي يخفف القلق عند المرضى.
التعليقات