تستقبل المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن 3 ملايين حاج في موسم الحج سنوياً، وأكثر من هذا العدد بكثير في أوقات متفرقة من العام من أجل تأدية شعيرة العمرة وزيارة المسجدين المكي والنبوي ومن كل بلاد العالم مسلمين مؤمنين ملبين داعين الله متجهين له بكل روحانية وأمان، وتعمل المملكة على استقبالهم خير استقبال، وتوفر الخدمات في المدن المقدسة بكل مهنية عالية وحرفية من كل الذين يستلزم عملهم التواصل المباشر مع ضيوف الرحمن منذ دخولهم من بوابات المطارات والموانئ والمنافذ البرية حتى عودتهم إلى بلادهم سالمين غانمين، وتقديم كل ما من شأنه تسهيل شعيرتي الحج والعمرة لكل القادمين، وبكل الحب وعلى الرحب والسعة، حتى إن قائد مسيرتنا يلقب بخادم الحرمين الشريفين ويسعد بهذا اللقب، فهي المهمة الأولى التي يوليها قادة هذه البلاد الأهمية الكبرى في مهامهم الكبيرة والكثيرة.

يأتي حج 2020 مختلفاً كما هو كل شيء في هذا العام المختلف في كل العالم، حيث حرصت المملكة على أن تقام هذه الشعيرة المباركة، ولكن مع كل الإجراءات الاحترازية ومع أعداد مخفضة جداً من كل جنسيات العالم تقريباً الموجودة داخل الحدود السعودية، وقد شاهد العالم صورة فخمة وفاخرة للطواف حول الكعبة المشرفة بتناسق وبمنظر مهيب، حيث إن الوقاية خير من العلاج، وقد تداولت كل وكالات الأنباء العالمية والإقليمية الصورة في إشادة بجهود المملكة الكبيرة والعظيمة خلال هذا الموسم الاستثنائي في إقرار كل التدابير الوقائية والاحترازية ضماناً لسلامة كل الحجاج.

إن الصورة التي خرجت للعالم في تباعد اجتماعي خلال الطواف حول الكعبة المشرفة أوحت بفكرة الحج المنظم، الذي يجب أن يُدرس في كل بلاد العالم، وتحديداً في البلاد الإسلامية والتي يفد منها جموع كبيرة في كل عام إلى المدن المقدسة، ويجب على وزارات الحج أو الشؤون الإسلامية في تلك البلاد إعطاء رعاياها دروساً في النظام والنظافة، لإعطاء صورة إيجابية للعالم أجمع عن المسلمين من خلال تأديتهم فريضة الحج.

جاء وقت تغيير الصورة النمطية عن الممارسات الخاطئة التي تحدث في مواسم الحج كل عام من قبل بعض المسلمين الذين يؤدون هذه الفريضة من التزاحم وانعدام أصول النظافة والنظام والترتيب في ممارسة هذه الشريعة، وجاء حج 2020 ليعطي لنا تصوراً عن الصورة التي يجب أن يكون عليها المسلمون الذين يجب أن يتحلوا بالنظام والترتيب والنظافة، وأن يتخلوا عن عاداتهم السنوية التي تشوه صورة الحج أمام بعضنا البعض وأمام العالم حين تنقل عدسات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي بعض السلوكيات الخاطئة التي تنتهك حرمة المكان والزمان.

إن المملكة العربية السعودية قامت وتقوم وستقوم بكل ما هو من اختصاصاتها في موسم الحج واستقبال الضيوف، لكن يبقى تعاون الدول الإسلامية والمسلمين القادمين من أجل سلامة الحجاج وخير المدينتين المقدستين.