شددت شخصيات أكاديمية متخصصة في الجانب الاقتصادي على متانة وقوة الاقتصاد السعودي الذي أثبت في ظل جائحة كورونا أنه الاقتصاد المقتدر الذي ساهم بحل الكثير من التداعيات الكبرى التي تتخوف منها الدول والأمم، مؤكدين لـ"الرياض" بأن قرار رفع الضريبة إلى 15 % قرار صائب لأنه لم يمس رواتب الموظفين، بل سيعمل على ترشيد الاستهلاك لديهم وسيجعل المستهلك في المملكة أكثر عقلانية ونضجاً.
وقال الأكاديمي بجامعة الملك فيصل والخبير الاقتصادي د. محمد بن دليم القحطاني: "إن ما نشهده يعد ضريبة توازن وسبق أن توقعتها منذ أعوام عدة وقبل ضريبة القيمة المضافة"، مضيفاً "إنه قرار صائب في هذه المرحلة، وهو قرار لم يمس رواتب الموظفين بل سيجعلهم يتجهون إلى ترشيد الاستهلاك، ونحن بحاجة للترشيد" وتابع "هل نعلم أن المملكة تعد أكبر بلد يستهلك في الشرق الأوسط، إذ تبلغ نسبة استهلاك المملكة من مجموع الفواتير نحو 60 %، ونريد أن نعتمد على الناتج المحلي وذلك يكون تدريجياً حتى نصل لنسبة استهلاك تصل لنسبة الـ40 %"، مشيراً إلى أن رفع الضريبة سيضبط السلوك الاقتصادي في المملكة، وأضاف "نلاحظ أن المستهلك السعودي يميل لاستهلاك منتجات لا يحتاجها وهذا يرهق ميزانيته الاقتصادية"، وأضاف "إن الخطوة التي اتخذتها المملكة دليل واضح على أن اقتصاد المملكة لا يزال قوياً، فاليوم علينا أن نطمئن وكاقتصادي كنت حائراً قبل هذا القرار، وحين خرج أصبحت مطمئناً لأننا نفكر في المسار الاقتصادي الصحيح". وتابع "لا بد أن نرشد الاستهلاك لدينا".
ومن جانبه قال المستشار الاقتصادي د. علي بوخمسين على أن السلوك الاقتصادي للمملكة يسير في الاتجاه الصحيح، وقال: "في البداية ومنذ انتشار جائحة كورونا باشرت المملكة باتخاذ إجراءات دعم للاقتصاد الوطني تمثلت في مجموعة من الحزم الموجهة للفئات الاكثر تضرراً في القطاع الخاص بالذات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ووجهت للقطاع المصرفي لدعم تعثر هذه الفئة في سداد القروض ولدعم قدره المصارف على تقديم قروض لهذه الفئات هذا بخلاف حزم الدعم الموجهة لفئات أخرى بمبالغ وصلت إلى 120 مليار، ثم حزمه أخرى بـ50 مليار ريال لدعم القطاع الطبي بشقيه الحكومي والخاص وحزمة الدعم الحكومي المتمثل بتأجيل تحصيل بعض الرسوم والزكاة وإعفاءات أخرى".
وأضاف "هذا كله لم يكن مرصوداً في الموازنة الحكومية ومن جانب آخر هناك انخفاض في إيرادات الحكومة بسبب انخفاض أسعار النفط هذا يتطلب استحداث مصادر بديلة لتستطيع الحكومة تغطية التزاماتها تجاه تغطيه الرواتب ومصروفاتها الأخرى ولمواجهة متطلبات أزمة كورونا من نفقات وتكاليف العلاج للمواطنين والمقيمين وتأمين توافر مستلزمات الحياة اليومية للإنفاق على كافة مرافق الدولة لذا تم اللجوء لهذا الخيار الذي جاء حسب قول وزير المالية إنه بعد دراسة عدة بدائل متاحة تم اختياره لأنه يمثل البديل الأقل ضرراً على الاقتصاد الوطني وهو ربما لن يفيد في دعم الموازنة هذه السنة لأنه لن يكون هناك إنفاق استهلاكي كبير بسبب الظروف الحالية لكنه سيدعم الموازنة بشكل أكبر في السنوات القادمة". وتابع "سيكون له آثار اقتصادية وسيحد من عملية الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير، وسيحد من المقدرة الشرائية المتاحة، وهذا سيعني حدوث تباطؤ في قطاع المبيعات.
الصدمات الثلاث
وعن الصدمات الثلاث قال: "في سابقة تاريخية من نوعها لم تحدث سابقاً وفي ظل الضغوط الاقتصادية المتتالية التي واجهت الاقتصاد السعودي وفي نفس الوقت وبشكل متقارب جداً زمنياً، وفي شكل موجات متتابعة، ولم يكن من الممكن التنبؤ بها على الصعيد العالمي والمحلي، هذا يتطلب أمرين أولاً مواجهة الآثار المباشرة لها كجائحة صحية بتدعيم القطاع الصحي ليستطيع محاربتها بكفاءة لحماية المجتمع، وثم معالجة التداعيات السلبية الناتجة عنها بشكل سريع، لا سيما تلك التي تمس الفئات الأكثر عوزاً في المجتمع، وتدعيم الاقتصاد لكي لا ينهار تحت هذه الضربات المتتالية وليستطيع التعافي منها بشكل أسرع ليعود لوضعه الطبيعي، وفعلاً هذا ما حدث لدينا وثم تأتي التدابير العلاجية لسد النقص في الموارد المالية التي تؤمن استمرار عجلة الاقتصاد الحكومي في أداء مهامها اليومية، وهنا كما قال وزير المالية نحن بحاجه لاتخاذ تدابير قد تكون مؤلمة لمواجهة هذه الأزمة لنستطيع المرور من عنق الزجاجة بأقل الأضرار والعودة لدورة الحياة الاقتصادية الطبيعية، ومع صعوبتها وقسوتها، إلا أن الحاجة لها تستدعي اتخاذ هذا الإجراء لخلق حالة توازن في الأداء الاقتصادي والاستمرارية في ظل هذه التحديات القاسية".
وعن مستقبل الأسهم قال: "مما لا شك فيه أن سوق الأسهم باعتباره الجهة الأكثر تأثراً بأي تغيير اقتصادي قد يواجه اقتصاد أي دولة ويعتبر أداء سوق الأسهم هو المعبر الأول عن أي تغير في الظروف الاقتصادية التي يمر بهذا الاقتصاد، وما شهدناه من تأثرات لدينا بسوق تاسي السعودي تأتي منسجمة مع هذه الظاهرة العالمية، فنحن لدينا ارتباط وثيق بتاسي السعودي بأسعار النفط في الأسواق العالمية لأن النفط هو مصدر الإيراد الأول لدينا بالاقتصاد السعودي، بالتالي أي انخفاضات بأسعار النفط سيعني تأثر مصدر الإيرادات الأساسي للاقتصاد السعودي، ومع التزايد في مصادر الدخل الأخرى المتحصلة من التنوع الاقتصادي الذي حرصت الحكومة على تحقيقه مع بدء تطبيق الرؤية، إلا أن هذه المصادر ما زالت لا تشكل إلا جزءًا محدودًا من إجمالي الإيرادات لذلك، حيث نعتمد بشكل رئيس على إيرادات النفط.
التعليقات