وضعتنا أزمة كورونا ومعنا العالم في ظروف استثنائية قاسية، لكنها بالمقابل بينت القدرة التراكمية للسعودية على التعامل مع الأزمات واتضحت متانة النظام المصرفي السعودي أمام التأثيرات الاقتصادية العنيفة للأزمة. ليس ذلك فحسب بل وأصبحت مؤسسة النقد والبنوك السعودية مصدر قوة تعتمد عليها الدولة في تقديم وإدارة مبادرات مهمة لتخفيف الأثر الاقتصادي عن عدد من قطاعات الأعمال والأفراد المتضررين. في العام 2008 حدثت أزمة الرهن العقاري وهي أزمة عنيفة جداً على القطاع المالي العالمي وتسببت بانهيار آلاف الشركات وعشرات البنوك وشركات الاستثمار العالمية. التأثير على القطاع المصرفي السعودي كان محدوداً لدرجة جعلت من الاقتصاد السعودي ملاذاً آمناً للأموال الهاربة من حمم الأزمة في أنحاء العالم.

وصلت البنوك السعودية لهذه المتانة والثقة من خلال استراتيجية رقابة وإدارة مخاطر قوية وذكية وطويلة المدى وضعتها وأشرفت عليها مؤسسة النقد العربي السعودي لتحقيق أهداف الاستدامة وضمان الحماية والقوة المالية في نفس الوقت، ونتيجة لذلك حصلت مؤسسة النقد العربي السعودي على جائزة أفضل بنك مركزي في إدارة للمخاطر والالتزام من بين البنوك المركزية في العالم. كما صنفت وكالة "فيتش" الائتمانية العالمية القطاع المصرفي السعودي كخامس أقوى نظام مصرفي في العالم بعد أنظمة أستراليا وكندا وسنغافورا والسويد.

أدى التخطيط والرقابة الصحيحة إلى تطور أداء البنوك المستدام وبالتالي تحسن المؤشرات والمركز المالي من خلال النمو المميز للموجودات والاستثمارات ونسب الإقراض والودائع خلال العشر سنوات الماضية وهو ما ساعد على مواجهة هذه الأزمة من موقع قوة حيث تم تفعيل خطط استمراية الأعمال بمجرد رصد أول إصابة في المنطقة الشرقية في بداية شهر مارس 2020 وذلك لحماية البنوك والعملاء والعاملين فتوفرت الخدمات والمنتجات البنكية الأساسية للعملاء عن طريق القنوات الرقمية واستمر الموظفون في أعمالهم الأساسية من خلال العمل عن بعد.

لقد هزت أزمة كورونا قناعات وثوابت الشعوب في كثير من دول العالم ومن بينها الدول المتقدمة إلا في السعودية فقد كانت الأزمة فرصة مهمة لتعزيز الثقة الوطنية بالدولة وجميع أجهزتها ومن بينها النظام المصرفي الحديدي والاقتصاد العالمي.