الإنسان أولاً وثانياً وثالثاً هو القيمة الأعلى لدى قيادة المملكة، وهو هدفها الأسمى، فهو الذي يشغل فكرها؛ فتبذل كل ما في وسعها لتحقيق الراحة والأمان والصحة له..

حينما أشاهد بعض الصور والتغريدات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ بداية أزمة كورونا عن رعاية المملكة لمواطنيها العالقين في عدد من عواصم العالم، وكيف تعاملت سفارات خادم الحرمين الشريفين معهم يتملكني الفخر والاعتزاز ببلادي وقيادتي، والتي كان آخرها صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - بتسهيل عودة المواطنين الراغبين في العودة إلى المملكة من الخارج، وتوفير جميع سبل الراحة والعناية لهم حتى وصولهم إلى أرض الوطن.

ولا أملك وأنا أشاهد وأقرأ هذه التعليقات إلا أن أردد مع غيري من أبناء هذا الوطن: (الحمد لله أنني سعودي).. فعلا الحمد لله أننا نعيش على تراب هذا البلد الطاهر، أرض الحرمين الشريفين، وتحت ظل قيادته الحكيمة التي لا تألو جهداً في الوقوف مع أبنائها ومساعدتهم في أحلك الظروف، والشواهد على ذلك كثيرة ليس اليوم فقط مع أزمة كورونا، ولكن الشواهد التاريخية أكثر من أن تحصى.

ولقد امتدت هذه الرعاية للمقيمين على أرضه لتشمل ليس المقيمين فقط، بل حتى مخالفي أنظمة الإقامة، فوجهت بعلاج جميع من يقيم على أرض هذا التراب مجانا، كما امتدت هذه الرعاية لتشمل التخفيف من آثار هذه الأزمة العالمية الخانقة، فأصدرت القرارات بتقديم الحوافز المالية التي تراعي ظروف القطاع الخاص، وتهدف للتخفيف من معاناته بسبب توقف معظم أنشطته محلياً وعالمياً، فرأينا هذه القرارات وهي تتوالى بين يوم وآخر للتسهيل والتخفيف على المواطن والمقيم، فللمقيمين على سبيل المثال تم تمديد تجديد الإقامات آلياً، وإعفاء الوافدين المنتهية إقاماتهم من المقابل المالي، والتسهيل في خدمات الخروج والعودة إلى غير ذلك من القرارات التي هدفها مساعدتهم للتخفيف من آثار هذا الظرف الاستثنائي.

وللمواطنين والقطاع الخاص على وجه التحديد، تم تخصيص أكثر من 120 مليار ريال للتعامل مع هذه الظروف الاستثنائية، ومن ذلك تأجيل أقساط القروض المستحقة للشركات والمؤسسات، وتأجيل أقساط 3 أشهر للعاملين كافة في المجال الصحي الحكومي والخاص الذين لديهم تسهيلات ائتمانية، وتقديم برنامج التمويل الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى الإعفاءات الجمركية، وإلغاء الرسوم على التحويلات البنكية.. وما إلى ذلك من القرارات التحفيزية التي تصدر بصفة شبه يومية.

وكان آخر هذه القرارات - وقطعاً لن يكون الأخير - صدور الأمر الملكي الكريم بأن تتولى الدولة صرف 60 % من مرتبات العاملين في القطاع الخاص من السعوديين لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد عبر برنامج "ساند" بقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال، والذي سيستفيد منه أكثر من مليون ومئتي ألف موظف سعودي يعملون في القطاع الخاص، تحقيقاً لاستقرار الموظف السعودي، ودعماً لتنمية القطاع الخاص، وحرصاً على استقرار بيئة العمل، وعدم تأثرها بأي أزمات أو مشكلات خاصة مع هذه الجائحة التي اجتاحت العالم، ولم يسلم منها أي قطاع من القطاعات.

وحقيقة فإن قيادة المملكة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - يحفظهما الله - لم تتوان أبداً في المبادرة باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية الكفيلة بالحفاظ على صحة المواطن والمقيم على أرض المملكة منذ بداية هذه الأزمة العالمية. ومع هذه الإجراءات لم تنس القيام بموازاة ذلك بإصدار القرارات المتوالية، أولاً للتخفيف من آثار هذه الإجراءات الاحترازية، وثانياً لتطمين الجميع مواطناً أو مقيماً أن القيادة تستشعر معاناتهم، وتتفاعل مع مخاوفهم، وتدرك حساسية هذه الظروف الاستثنائية، وتسعى إلى التعامل معها بما يحقق الراحة والاطمئنان والعيش الكريم لهم.

وما هذه القرارات والتوجيهات المتتابعة لدعم الاقتصاد وتنمية سوق العمل، ومساعدة المواطنين إلا دلالة على أن الوطن هو دائما في قلب القيادة التي تسعى دائما إلى التيسير عليه في كافة أموره، فالإنسان أولاً وثانياً وثالثاً هو القيمة الأعلى لدى قيادة المملكة، وهو هدفها الأسمى، فهو الذي يشغل فكرها فتبذل كل ما في وسعها لتحقيق الراحة والأمان والصحة له. وهو تأكيد لإنسانية الدولة وتعاملها الراقي مع مواطنيها والمقيمين على أرضها.

وهذه القرارات ليست مستغربة من القيادة التي وضعت الإنسان في عقلها وقلبها دائما، فجميع ما تصدره من توجيهات، أو تتبناه من قرارات هي مسخرة لخدمته وتحقيق رفاهيته وأمنه، وهي تؤكد تفاعل القيادة وإحساسها بأن الإنسان والعناية به هو القيمة الحقيقية بعيداً عن أي تقديرات مادية أخرى.

عشت يا وطني كريماً، وحفظ الله قيادته وأبناءه والمقيمين على أرضه من كل سوء.