استيقظ أحد معارفي صباحاً ذات يوم ولكنه عجز أن يقف. استغرب، ماذا حصل لقدميه؟ ذراعاه تعملان لكن نصفه السفلي مشلول. هرعوا به للمستشفى وبعد عدة فحوص أتى الجواب المفاجئ: أنت سليم! جسدياً لا بأس بك إطلاقاً!

اتضح أن السبب هو الضغط النفسي. كانت فترة شديدة الضغوط له، فقد كانت زوجته وأمه تتشاجران ليل نهار، وضغوط العمل تعاظمت، بالإضافة لضغوط أخرى مالية ومستقبلية، فلما اجتمعت تعامل معها جسده بهذه الطريقة غير المتوقعة، فصار مشلول النصف الأسفل. بعد فترة بسيطة تعافى، ولكن قصته لا تزال تجعلني أفكر في القوة الهائلة للعقل وكيف أنها تؤثر على الجسد باستمرار، وقد قالت العرب: من تمارض مَرِض. مقولة صحيحة تماماً ويؤيدها الطب، بل إن الطب نفسه يستخدمها، فالدواء الوهمي له تأثير إيجابي كبير، وإذا تناولتَ حبةً تعتقد أن فيها شفاءً أو تسكيناً لكان هذا الاعتقاد في حد ذاته كافياً في الكثير من الحالات، بل في حالات كثيرة، إن هذه الظاهرة من قوتها تعمل حتى لو كان الشخص يعرف أن الحبة ليست دواء!

إذا كنتَ تعاني القلق فستعرف ما أقصد، لأن القلق anxiety الذي ينتشر بشدة في كل العالم له آثار جسدية لا تكاد تُصدّق، فالقلقون يشتكون دائماً من أعراض جسدية مثل: حرارة، آلام في في الصدر والرقبة وكل مكان، صداع، جفاف في الحلق، تنميل، ارتفاع في الضغط، زيادة ضربات القلب، دوخة، ارتعاش الجفن والعضلات، وخزات، مشكلات في الجهاز الهضمي، تعرّق، آلام مفاصل، والكثير جداً غير ذلك، أعراض لا يتخيل الشخص أن سببها عقله!

أرأيت قوة العقل؟ لذلك أوصيك بالحذر من الانجراف وراء الهلع في وسط أزمة كورونا الحالية، فقد تشعر أن العالم يضيق حولك، وكل شيء مخيف، وتبدأ في توهّم الأعراض، وربما تظن أنك تحتاج الإسعاف عدة مرات معتقداً أنك مصاب به أو بشيء آخر، وما يجب أن تفعله هو التوكل على الله والالتزام بالتوجيهات التي تعلنها وزارة الصحة، وفيما عدا ذلك فلا بأس عليك ولا تنجرف وراء الخوف والقلق، لأن عقلك سيصدق وقد يفرض هذا على جسدك.