أثارت ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، مخاوف اليمنيين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، جراء استخفافها بتهديد فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) واعتباره مؤامرة أميركية، وتعمد استغلاله ضد خصومها واستخدامه كمبرر لفرض جبايات مالية على المواطنين والتجار وابتزاز المنظمات الإنسانية الدولية.
وفي وقت يؤكد العالم أنه يعيش في حالة حرب مع كورونا ويحذر من خطورة تفشيه، تستحوذ الميليشيا على المقومات والأجهزة الطبية والصحية العامة والخاصة وتخصصها للجبهات القتالية التابعة لها، وتعيق عمل وزارة الصحة العامة في الحكومة الشرعية كما تضع قيوداً أمام عمل المنظمات الدولية والصحة العالمية وتمنع جهود الحد من تفشي الوباء وتوفير التدابير الوقائية.
احتجاز الأدوية
يقول أطباء يمنيون لـ «الرياض»: «الميليشيا لا تهمها حياة اليمنيين، وليست لديها رغبة في التعامل بجدية مع خطر الوباء وترفض الإفراج عن المعدات والأجهزة الطبية والأدوية لمواجهة الأزمة، كما منعت تخصيص غرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي في المستشفيات والمراكز الطبية والصحية العامة والخاصة في صنعاء، باعتبارها مخصصة لاستقبال جرحى الميليشيات في المعارك التي ترفض إيقافها».وتتعامل الميليشيا مع أزمة كورونا بطريقة ميليشاوية أثارت قلق اليمنيين وزادت مخاوفهم من تفشي الوباء، كما طرحت أسئلة بشأن الدوافع والأهداف وما إذا كانت الإجراءات التي اتخذتها تحت مبرر الحجر الصحي ينطبق عليها شروط الوقاية، أم تسبب في انتشار الفيروس؟
وقاية من الوباء أم تعمد نشره؟
بلغ الاستهتار بأرواح اليمنيين حد احتجاز عشرات الآلاف من النساء والأطفال في معابر عُنصرية استحدثتها الميليشيا في بعض مداخل المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، ووضعهم في مكان واحد دون أي محاجر طبية وفي ظروف سيئة.
وقال أحد المحتجزين في منطقة رداع بمحافظة البيضاء: «الميليشيات تحتجز أكثر من عشرة آلاف مواطن في مكان واحد تحت مبرر الحجر الصحي ومعظمهم لم يكونوا مسافرين خارج البلد». وأضاف، يكدس الحوثيون مئات الأسر في محيط معهد وكلية رداع، من دون كمامات أو قفازات أو معقمات، ودون أي فحوصات، ويتعاملون معنا كالحيوانات، وفتحوا سوقا سوداء، ومن يدفع 200 ريال سعودي، يمنحونه شهادة سلامة من كورونا ويسمحون له بالعبور صوب صنعاء ومن يرفض الدفع يظل قابعا في مكان الاحتجاز متحملاً كل المعاناة.
وتساءل اليمنيون بفزع عن ماذا يعني أن تحتجز الميليشيا أكثر من عشرة آلاف شخص في مكان واحد وضيّق ومن دون أي محاجر صحية؟ أهكذا الحجر الطبي والوقاية؟ أم تجهيز بؤر وقنابل صحية موقوتة لنشر الوباء مع سبق الإصرار والترصد؟
الصحفي اليمني سامي نعمان علق على إجراءات الميليشيا وتوجيهات زعيم الحوثيين بقوله: «هذا الرجل مجرم وإرهابي ويؤدي وظيفة واحدة هي قتل الناس، ولا حياة لليمنيين بوجود ميليشياته».
وأشار إلى أن احتجاز الناس في مكان واحد ومن دون محاجر طبية، إمعان في إهانة وكرامة اليمنيين وإذلالهم، وتعمد إحلال الوباء عليهم، مؤكداً أن الميليشيا تهدف من وراء احتجاز آلاف اليمنيين في معتقلات كارثية تحت مسمى الحجر الصحي إلى نشر كورونا المحتمل ظهوره بأكبر عدد من اليمنيين، وبالتالي تصبح اليمن منطقة موبوءة خارج السيطرة.
العالم يمنع التجمعات والميليشيا تتجمع
تتناقض الميليشيا بشكل مفضوح ومكشوف، إذ تدعي أنها تهدف لمنع انتشار الوباء من وراء جريمة احتجاز آلاف اليمنيين في مكان واحد ومن دون أي محاجر طبية، وفي الوقت نفسه تقيم احتفالات طائفية في ساحات عامة بصنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، فضلاً عن الفعاليات والأنشطة التعبوية التي تنفذها في المساجد والمنشآت والمدارس والأماكن العامة.
ورصدت «الرياض» أكثر من 90 احتشادا وفعالية أقامتها الميليشيا في ساحات عامة بصنعاء، وذمار، وحجّة، والمحويت، وصعدة، خلال الأيام الماضية، تحت مسمى إحياء مناسبة ذكرى مصرع الإرهابي حسين بدر الدين الحوثي، على الرغم من حالة الطوارئ وقرارات حظر التجوال التي فرضتها مختلف دول العالم.
هل رحلت إيران طلابا حوثيين عبر لبنان؟
ويزداد القلق في أوساط اليمنيين من انتقال الوباء إليهم، خصوصا إثر خروج معلومات تؤكد عودة عدد من الطلاب الحوثيين من إيران التي تحولت إلى أخطر بؤرة لتفشي الوباء.
وتشير معلومات أطلعت عليها «الرياض» أن عددا من الطلاب الحوثيين في إيران وصلوا بالفعل إلى صنعاء خلال الأسابيع الماضية، مشيرة إلى أن عودتهم تمت عبر مطارات دول عربية من بينها لبنان دون أي تأشيرات إيرانية على جوازاتهم، وسط تكتم شديد من قبل وكلاء إيران في صنعاء.
ولا تزال الميليشيا على تواصل مع الإيرانيين والحرس الثوري الإرهابي، رغم تحول إيران إلى بؤرة لتفشي كورونا، الأمر الذي يجعل من المرجح انتشار الفيروس المستجد في المناطق التي تسيطر عليها، وسط تحذيرات مخاطر وتداعيات استهتار الميليشيا بأرواح اليمنيين من خلال استغلال الوباء ضمن أساليب الدعاية السياسية واستثماره لتأكيد مزاعم السردية الإيرانية.
الحوثي يجتر أوهام خامنئي
وفي محاولة لتبرير ما ترتكبه الميليشيا الانقلابية بحق اليمنيين والمسافرين والمتنقلين بين المحافظات اليمنية بذريعة كورونا، وجه عبدالملك الحوثي، عناصره بالتعامل مع المُحتجزين بوصفهم أعداء وأدوات أميركية لنشر الفيروس.
وأعاد الحوثي خلال خطابه السبت الماضي، ترديد الإسطوانة الإيرانية باتهام الولايات المتحدة الأميركية، بالوقوف خلف صناعة كورونا والعمل على نقله إلى اليمن عبر اليمنيين المناهضين للانقلاب، متوعداً بالتعامل مع كورونا كعمل عدائي ومع اليمنيين المعارضين لميليشياته كأعداء وأدوات أميركية لنشر الوباء.
وتعليقاً على خطاب الحوثي، قال قائد ألوية حراس الجمهورية، العميد طارق صالح: «إيران أدخلت كورونا إلى العراق ولبنان، والآن تريد إدخاله إلى اليمن».
وتابع مخاطبا زعيم الحوثيين: «أيها المنافق عبدالملك الحوثي، أنت من سيدخل كورونا إلى اليمن بواسطة خبراء الحرس الثوري الإرهابي».
عقيدة خداع وأوهام المؤامرة
من جهته قال وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية، د. أحمد عطية لـ»الرياض»: «ليس مستغرباً أن نرى مثل هكذا خطاب من قبل زعيم الحوثيين، فالخطاب العاطفي هو سمة وكلاء إيران في المنطقة، ونظرية المؤامرة هي عقيدة إيرانية متجذرة، ومحاربة الوهم متأصلة في بنية وكلاء إيران».
وأردف عطية لكن من المهم القول بأن عبدالملك الحوثي وميليشياته لا يهمهم اليمن ولا اليمنيين حتى لو ماتوا كلهم فهو لا يبالي، وكل يوم يزج بمئات الأطفال وغيرهم من أبناء القبائل إلى محارق الموت في معارك عبثية، إذ أن الحوثي يحمل مشروع موت لا مشروع حياة، وإذا كان قد أغرق اليمن بالدماء فإنه لا يهمه مطلقا مرض ولا جائحة.
التعليقات