بصراحة وأمانة من النادر أن أستمع للإعلام الرياضي. لا مادة تحليلية ولا وقائع المباريات ولا التجاوزات التي يتحدث عنها أهل الخير والصلاح وينددون بها. وبصراحة أوسع لا أتذكر جيداً أسماء المحللين والمعلقين الرياضيين. وإذا أردتم الصراحة الأعظم لم أتفرج على مباراة كاملة منذ سنين. كل علاقتي بالكورة تتوقف عند ملخص الأهداف لأهم المباريات فقط.

مع ندرة أصدقائي وجلسائي من المهتمين بالرياضة اهتماماً مباشراً فقد بلغني أن هناك تجاوزات خطيرة في الإعلام الرياضي تتطلب تدخل المسؤولين بصورة عاجلة. عندما تقرأ مطالبات جمهور فريق معزولة عن مطالبات الفريق الآخر ستشعر أن العالم سينهار وأن الأخلاق الحميدة مهددة بالانقراض. 

أمامنا ثلاثة حلول لهذه المعضلة الخطيرة.  دعوني آخذ الهلال والنصر كمثال لعرضها. يمكن تطبيق هذه الحلول على كل الفرق الأخرى بعد ذلك.

الحل الأول: أن نلغي إعلام الهلال نهائياً ونترك إعلام النصر يسرح ويمرح عندئذ سيرضى جمهور النصر ونطمئن أن خمسين في المئة من الجمهور الرياضي راضٍ عن أخلاقيات الإعلام الرياضي. هذي نسبة كبيرة جديرة بالاحترام.

الحل الثاني: أن نعكس الأمر أن نلغي إعلام النصر ونترك إعلام الهلال يسرح ويمرح عندئذ سوف نحصل على نفس النتيجة السابقة أو أكثر. هذه نسبة كبيرة جديرة بالاحترام أيضاً.

الحل الثالث: أن نطرح استفتاء على جمهور النصر: من تريدون أن نسكت من رجال الإعلام الهلالي لتستقيم أخلاق الإعلامي الرياضي. نفس الاستفتاء نوجهه لجماهير الهلال. عندئذ وكلي ثقة نكون تخلصنا نهائياً من الإعلام الهلالي والنصراوي بالكامل.

الحل الرابع: أن نعكس الاستفتاء بأن نسأل جمهور النصر من تريد أن نخلع من رجالات الأعلام النصراوي نفسه لكي تستقيم الأمور الأخلاقية في البيت النصراوي. ونوجه نفس السؤال لجمهور الهلال لكي نتيح الفرصة لجمهور الهلال خلع الرديء من إعلامه. هذا الحل يمكن تطبيقه في حال أردنا الإبقاء على الوضع كما هو. فكل جمهور يرى أن إعلامه نزيه والعلة في إعلام الفريق الآخر.

رغم أن الحل الأخير مثالياً إلا أننا سنواجه مشكلة تقنية خطيرة عند التطبيق. من يضمن أن الهلالي لن يدعي أنه نصراوي والنصراوي لن يدعي أنه هلال لكي يتلاعب بالاستفتاء.

بعيداً عن السخرية والمزح. أعتقد أن الإعلام الضاج هو جزء من حلاوة الكرة أما نظرية المؤامرة التي تشغل الرياضيين فليست حكراً على الرياضيين بل هي سلاح فعّال في أيدي السياسيين ورجال الدين والأدب.

إذا أردنا أن نجعل الوسط الرياضي آمناً علينا فقط وضع قوانين صارمة لمنع الزج بالعنصرية أو شؤون الوطن أو السياسة أو الدين أو استخدام الكلمات والألفاظ القبيحة، وبعد ذلك خلوا الناس توسع صدرها وتنفس عن نفسها.