الإعلام ليس تجهيزات ومعدات وتدريب بشر على إنتاج المواد الإعلامية، الإعلام كالجيش. لا يكفي شراء المعدات العسكرية وتدريب الرجال إذا لم تتوفر عقيدة وخطط وأهداف واستراتيجيات. ما الذي نريده من الجيش؟ ما الذي نريده من الجامعات؟ ما الذين نريده من الإعلام؟ على هذه الأسئلة تبني استراتيجيتك

يعلم المنصفون أن المملكة العربية السعودية هي أكثر دولة دعمت الفلسطينيين، دعمت الفلسطينيين بالأعمال لا بالأقوال، هنا تكمن مشكلة الإعلام السعودي. ثمة دول دعمت الفلسطينيين بالأقوال كليبيا القذافي ونسب لها فضل لا يدانيه فضل بينما المملكة تتعرض لحملات تشكيك فتبدو أمام الرجل العربي العادي بصورة معاكسة لدورها الإنساني والقومي. لا يقع اللوم على المشككين ولا على الرجل العادي وإنما يقع على الإعلام السعودي.

لم أعبر عن هذا اللوم وحدي، بعد الهجمات الإعلامية الكبيرة التي تعرضت لها المملكة في الآونة تحدث الناس عن ضعف الإعلام السعودي وعن قصوره في التعبير عن دور المملكة خارجياً وقصوره في التعبير عن إنجازاتها الداخلية.

لا يعود السبب إلى قلة الموارد وتدني الخبرات ولكن إلى غياب الاستراتيجية. في كثير من أعمالنا تستغرقنا التفاصيل دون أن ننظر إلى الصورة الكلية، معظم ما تسمعه من اقتراحات: إنشاء قناة فضائية إعلامية دولية، شراء صحف أجنبية، تدريب الشباب على التواصل على مستوى العالم دون أن يكون بين أيدينا خطة استراتيجية واضحة نوظف فيها هذه الأدوات.

ما موقف الإنسان الجزائري أو الفلسطيني أو المغربي من السعودية ومن سياسيات السعودية؟ ما موقف الشاب وما موقف الكهل وما موقف المسن وما موقف المرأة العربية؟ وهكذا، كيف يرى العرب الآخرون السعودية؟ ما هي مصادر معرفتهم بالمملكة؟ ثمة أسئلة يتوجب علينا الوصول إلى أجوبتها.

جال في تاريخ العرب الحديث عديد من الأيديولوجيات والأحزاب كالناصرية والقومية والبعثية ودارت صراعات بين الحكومات العربية، تركت تلك الصرعات والأيديولوجيات أثرها الثقافي والسياسي في نفوس العرب. كثير من المواقف مع أو ضد السعودية تشكلت في تلك الفترة وما زالت تستغل حتى الآن، مع الأسف لم يتتبعها الأكاديميون أو مراكز البحث السعودية.

مهما بذلنا من جهد إعلامي ومن مال لا يمكن أن نغير الصورة دون أن نعرف ما هذه الصورة التي سنغيرها. سبق أن كتبت وتحدثت عن هذا بتفصيل آخر. أرجو الاطلاع على الفيديو التالي على اليوتيوب https://youtu.be/914oksSVJRo والمقال التالي في هذه الجريدة http://www.alriyadh.com/1736239.