يحتكم مجلس الشورى الأربعاء المقبل إلى نتيجة التصويت ليحسم توصية العضو جواهر العنزي التي طالبت وزارة الإسكان ببناء مدن صغيرة مطورة على مشارف المدن الكبيرة وتزويدها بكافة الخدمات اللازمة للحياة العصرية، بعد أن رفضت لجنة الخدمات والإسكان بالمجلس التوصية، ويستمع الأعضاء لوجهة نظر اللجنة وأسباب الرفض بعد أن تعرض العضو توصيتها ومبرراتها ثم يصوت عليها.
وقد سوغت العنزي بأن بناء تلك المدن سيسهم في تقليص الازدحام، والحصول على توزيع سكاني مناسب، كما يتيح استحداث فرص وظيفية لأن بناء تلك المدن يتطلب شبكة نقل عام، وحدائق ومطاعم، وبقالات وأسواق مما يفتح المجال أمام الكثير من الفرص الوظيفية، إضافة إلى أن هناك تجارب دولية ناجحة في بناء المدن الصغيرة على مشارف المدن الكبيرة وأسهمت في حل مشكلة الإسكان، مثل تجربة فرنسا التي قامت بإنشاء عدد من المدن الصغيرة حول العاصمة باريس للاستفادة من المزايا التي تقدمها باريس، كذلك تجربة مصر بإنشاء مدن صغيرة حول مدينة القاهرة، مثل مدن العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، والعبور و15 مايو، وأكدت العضو أنه ومع وجود الخدمات الإلكترونية والتسوق الإلكتروني والتطبيقات المتعلقة بكل أمور الحياة فلم تعد هناك حاجة للتشبث بالسكن في المدن الكبيرة لأن الجميع تقريبا متساوٍ في الحصول على كثير من الخدمات، وأصبح البحث عن الهدوء مطلبا لدى الكثير.
وفي شأن تقرير لجنة الشورى المشار إليه، فقد تأكد لـ «الرياض» تمسك لجنة الإسكان والخدمات بتوصياتها الست التي انفردت في نشرها بوقت سابق، وقد طالبت بدراسة أسباب عزوف بعض المواطنين عن استلام بعض منتجات الإسكان، وتقديم الحلول اللازمة لمعالجة الإشكالات التي تواجههم، ودراسة السماح لغير المتزوجين من المواطنين والمواطنات ممن بلغ عمره 25 سنة فأكثر بالتقدم بطلب للحصول على أحد الخيارات السكنية لدى الوزارة، والتوسع في خيار أرض مطورة وقرض بما يساهم في تشجيع البناء، وبالذات في الضواحي والمناطق النائية وتطوير هذا الخيار ليناسب شرائح متعددة من المستفيدين، وشددت على الوزارة اشتراط وجود شهادة من مكتب هندسي تفيد بسلامة وجودة البناء أو أن تنفيذه تم تحت إشراف مكتب هندسي، وذلك قبل توقيع عقد التمويل المدعوم مع المواطن، وطالبت التوصيات الوزارة بتعزيز قدرات الشركة الوطنية للإسكان المادية والفنية واعتماد هيكلها الإداري والفني والمالي، لتقوم بدورها المسند إليها، واستمرار الوزارة بتنفيذ الخدمات لمخططاتها، ودراسة المساهمة في تكاليف تشغيلها إن تطلب الأمر، وكذلك تنفيذ المرافق بالتنسيق مع الجهات المعنية، لضمان جاهزية المخططات المطورة عند تسليمها للمواطنين.
وفيما يخص وجهة نظر لجنة الحج والإسكان والخدمات حيال ملحوظات أعضاء المجلس ومداخلاتهم في شان التقرير السنوي لوزارة الإسكان للعام المالي 39 - 1440، فقد أكدت اللجنة أن العقوبات التي تواجهها الوزارة في تحصيل الرسوم تتمثل في وسائل تحصيلها وسبل صرفها، ومع ذلك فقد تم تحصيل مبالغ مناسبة من هذه الرسوم وصرف بعضها على تطوير البنية التحتية وبعض مشروعات الوزارة، وفي حال ظهور إشكالات لدى ملاك الأراضي تعيق تطبيق الرسوم أو عدم انطباق الشروط، فالوزارة تراعي ذلك وقد أعفت البعض من دفع الرسوم لهذه الأسباب، وعن تسمية منتج سكني على خيارات الإسكان وأنه غير دقيق، فهناك منتجات لا تعتبر كذلك كالأراضي، فاللجنة ترى أن التعريف مناسب والوزارة واضحة في تصنيف المنتجات ومحددة أعداد كل منتج متاح، وإن أطلقت على الكل مسمى منتج سكني فهو تعبير مجازي ومقبول فالأرض سكنية وتستخدم لبناء المسكن.
الشورى يتجه لإقرار توصية لدراسة أسباب عزوف بعض المواطنين عن استلام منتجات الإسكان
أما مسألة تفضيل البناء المؤسسي على البناء الذاتي، فالاستفتاءات توضح أن الخيار الذاتي مفضل لدى كثير من المواطنين ولهذا وضع كأحد الخيارات، وتتفق اللجنة مع الزميل في أن البناء المؤسسي أفضل فنيا واقتصاديا، ولكنه يتطلب وجود شركات تطوير عقارية كافية تستوعب السوق وذات خبرة، والوزارة تقوم بتشجيع بناء وحدات سكنية جاهزة من خلال طرح ذلك كأحد الخيارات لديها وتعطي شركات التطوير العقاري الفرصة بإنشاء الوحدات على أراضيها أو أراضيهم وتشرف عليها وتمول من يريد شراء الوحدات منها، وهذا يجيب أيضا على التساؤل من زميل آخر بشأن قطاع فاعل للتطوير العقاري، ولهذا أنشئت الشركة الوطنية للإسكان المملوكة للوزارة، والتي أفردت لها اللجنة توصية منفصلة لدعمها لأداء الدور المناط بها، وأشار الزميل أيضا إلى عدم الحاجة للتوصية الرابعة بشأن دراسة أسباب عزوف المواطنين عن استلام المنتجات السكنية كونها معروفة، واللجنة تود أن تشير بأنها ذكرت بعض الأسباب بشكل عام ويتطلب الوضع الحلول المناسبة دراسة تفصيلية لها لإزالة العقبات أمام استلامها، وخاصة تلك المتعلقة بالتمويل وعدم توفر الخدمات فالجهد الذي بذلته الوزارة في طرح أعداد كبيرة من المنتجات يضيع أن لم تعالج العقبات التي تحول دون استلامها ولهذا رأت اللجنة أهمية التوصية.
ورداً على ملاحظة عضو بأن ميزانية الوزارة غير واضحة وتحتوي على أسماء وأرقام يصعب تحليلها، أوضحت اللجنة أن أبواب الميزانية لجميع الوزارات اختلفت مسمياتها عن الأسلوب السابق في المسميات فأصبحت تطرح على شكل برامج لتتوافق مع الرؤية وتدعم خلال السنة على ضوء المشروعات الجاهزة وتفصيل الوزارة لمشروعاتها المرفق بالتقرير ما يوضح ذلك وإن كانت اللجنة تتفق مع العضو في الحاجة لمزيد من الإيضاح وستطلب من الوزارة توضيح أكثر في تقاريرها المستقبلية، وعن عدم استفادة وزارة الإسكان من بعض الأراضي المملوكة لوزارات أخرى لا تزال محاطة بالأسوار، لفتت اللجنة إلى أن هذا الأمر محكوم في مدى حاجة تلك الجهات لتلك الأراضي وأكدت أن الوزارة تقوم بالتنسيق معهم حيث تم نقل ملكية بعضها للإسكان.
أما بالنسبة للإسكان التنموي، ففقد أكدت اللجنة للمجلس أن الوزارة تبذل وبمشاركة الجهات الخيرية جهودا لزيادة المعروض منه، وتتفق اللجنة على ضرورة إسهام الوزارة بشكل أكبر فيه، وقد بينت الوزارة اهتمامها لتحقيق ذلك، ومن ضمن ذلك استخدام المبالغ المحصلة من الرسوم لتنفيذ مشروعات الإسكان التنموي، وطلبت اللجنة من الوزارة بيان خطتها بهذا الشأن، وكون البرنامج حديث نسبيا فستتابع اللجنة الوزارة في لقاءاتها وتقاريرها ما يتم تحقيقه.
ورداً على أن جهود وزارة الإسكان لا تزال متواضعة بالرغم من الدعم الذي أعطي لها وحجم الأراضي التي حصلت عليها، فقد اتضح للجنة الشورى بعد متابعتها لعمل الوزارة بأن جهودها خلال الثلاث سنوات الماضية أثمرت عن توفير نحو 900 ألف منتج سكني، الجزء الأكبر منها تمويل لبناء ذاتي أو لشراء وحدات جاهزة أو لبناء وحدات قيد التنفيذ، وترى اللجنة أن تحقيق ذلك على أرض الواقع يتطلب وقتا على أن يتم معالجة العوائق والصعوبات التي تعترض استلامها أو تنفيذها بجودة عالية وهو ما أكدت عليه اللجنة بتوصياتها، كما أكدت استمرار الوزارة ببناء الوحدات الجاهزة ولكن عن طريق مطورين عقاريين بدلا من مقاولين تتعاقد هي معهم مباشرة وفي التقرير بيان بعدد المشروعات والوحدات الجاهزة التي يتم تنفيذها بهذا الأسلوب، وحول المطالبات بدراسة أسباب عدم رضا المواطنين عن خدمات الوزارة فقد أفردت اللجنة من ضمن توصياتها المعروضة توصية لدراسة أسباب عزوف المواطنين عن استلام منتجاتهم وستحدد الدراسة أسباب عدم رضاهم عن الخدمات، أما بالنسبة لتمكين المرأة فحسب إفادة الوزارة فالأمر متحقق متى توفرت الشروط مثلها مثل الرجل مع مراعاة الأولويات والوزارة تعطي أولوية أيضا للمطلقات والأرامل في الحصول على الإسكان التنموي.
اشتراط شهادة بسلامة وجودة البناء قبل توقيع التمويل المدعوم مع المواطن
ويأتي رد لجنة الإسكان والخدمات على ملحوظات الأعضاء في مناقشة تقرير وزارة الإسكان تحت قبة الشورى في 18 من شهر جمادى الأولى المنصرم، وقد أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية هادي اليامي حينها أهمية تطبيق المادة التاسعة وخاصة ما يتعلق بالاستثناءات الواردة خاصة الفقرة (ب) و(ج) من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء وتعزيز دور القطاع القانوني في الوزارة لضمان تطبيق الرسوم على المخاطبين بأحكام النظام بفعالية وعدالة، لحل الصعوبات التي تواجه الوزارة في هذا الشأن والتي أقرتها في ردها على أسئلة لجنة الإسكان في الشورى وطلبت دعم المجلس بشأنها، وأشار خالد الدغيثر إلى أن هناك 81 ألف أرض و47 ألف قرض ذكرتها الوزارة ويرى أن هذه ليست مشروعات حقيقية ويقصد أن تسمى الأشياء باسمها في تفصيلات أرقام منجزات الوزارة وليس أن تأتي كلها كمنتجات سكنية، وقال إن مشكلة الإسكان متجددة كل 20 سنة ما لم توجد آليات قوية للتطوير السكني العقاري، وطالب بتعزيز أدوار قطاع التطوير العقاري بما يمكن من مواجهة متطلبات الإسكان لعقود قادمة.
وتساءل سلطان آل فارح عن تكاليف منتجات الإسكان والمبالغ التي صرفت عليها، وقال إن الوزارة صرفت 68 % من ميزانيتها فلماذا تطلب مزيداً من الدعم وأشار إلى أن أكثر أرقام الميزانية فيها غموض كثير وتحتاج إلى توضيح، وأن عليها الاهتمام بالإنجاز حسب الأولوية في المدن التي يكون دخل الفرد فيها منخفضاً، والتفاوض مع الوزارات الأخرى للاستفادة من أراضيها، وتمنى آل فارح أن تكون الأحياء التي تنفذها الوزارة نموذجيه والضمان بعمل منتجات جيدة باختيار المطور الكفء.
ويلفت الأمير خالد آل سعود إلى الأرقام التي توردها الوزارة على أنها إنجاز مثل 300 ألف منتج في عام التقرير تربك القارئ والمتابع وهي في النهاية غير حقيقية فـ «الأرض لا تسكنها العائلة..!»، وقال إن المستفيدين من 300 ألف منتج سكني هم 16 ألف فقط في وحدات سكنية، وتابع: إن الأرقام تحير وتضلل إنجازات الوزارة، وتساءل الأمير خالد عن ما يقارب 20 مليار لبرامج الرؤية في الوزارة أين صرفت وما هي الإنجازات..؟ وماذا تحقق في الإسكان التنموي الذي لا يزال يراوح مكانه، وتساءل عن أسباب عزوف المستفيدين من خيار البيع على الخارطة، لافتاً إلى أن ثمة تداخلاً في الصلاحيات بين الوزارة ووزارة الشؤون البلدية بما تسبب في تعثر وتأخر اعتماد بعض المخططات وإصدار رخص الإنشاء.
ودعت إقبال درندري وزارة الإسكان إلى دراسة أسباب عدم الرضا عن منتجاتها لدى شريحة من المستفيدين ووضع خطة عاجلة لمعالجتها، مؤكدة أهمية تمكين المرأة التي لديها أسرة من جميع قروض الإسكان ومنتجاته دون ربطها بحالتها الاجتماعية أو إثبات إعالة أسرة، وقال محمد الخنيزي إن جهود الوزارة لا زالت متواضعة مقابل المبالغ التي صرفتها الدولة عليها، ويرى فيما يخص خيار الأرض والقرض أن الأراضي مرتفعة السعر دون مبرر أو أنها في مناطق نائية لا تتوفر فيها الخدمات، كما أن القرض الممنوح لا يكفي المواطن لبناء مسكن.
التعليقات