لا ريب ان النظام القضائي في أي مجتمع يعد في غاية الأهمية فدرجات تقدم أي مجتمع أو أمة مرهونة بوجود القضاء العادل الذي بوجوده ينتشر الأمن ويعم السلم والاستقرار، فالقضاء هو الأساس الذي تقوم عليه الدول والشعوب.

والقضاء في مملكتنا منبثق من تعاليم شرع الله ومن مبادئ ديننا الذي يحث على العدل والمساواة وتنظيم أمور الحياة وسلوك الأفراد، وكذلك تنفيذ العقوبات وردع الظلم وحفظ الحقوق، ويحظى القضاء لدينا بالدعم الكامل من حكومتنا الرشيدة وفي غاية الاستقلال، كما أن القضاء لدينا يحظى بالدعم الحكومي من خلال مشروع متكامل لتطوير النظام القضائي مما كان له أكبر الأثر في تطور هذا القطاع والأخذ بالمستجدات التي تتلاءم مع نظامنا القضائي.

وفي هذا الصدد فإنه من المناسب الإشادة بالخطوات التطويرية التي حققتها وزارة العدل لتطوير مرافق القضاء فقد أوجدت محاكم متخصصة، وأخذت بالمستجدات الحديثة، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في التسهيل على المواطنين من حيث رفع الدعاوى والحصول على الأحكام ومتابعتها عن طريق التقنية تمهيداً وتخطيطاً لإلغاء النظام الورقي، هذه جوانب مشرقة تشكر عليها الوزارة التي قامت بها إلا أن هنالك جانباً نتمنى الاهتمام به من قبلها في ما يخص أوامر التنفيذ التي تم إقرارها حديثاً ففي السابق كانت متابعة الأحكام مهمة صعبة وربما سائبة في الحقيقة وهذا ما أوجد ودعا لإنشاء محاكم التنفيذ من قبل الوزارة.

وحسبي أن أتطرق إلى ناحيتين في هذا المجال أولاهما أنها (أوامر التنفيذ) أصبحت ظاهرة تتطلب من الجهات المعنية ممثلة بوزارة العدل والتجارة والمالية وغيرها إجراء دراسة حولها للخروج بأفضل النتائج، حيث لا تكاد تخلو صحيفة لدينا من وجود أعداد كبيرة من الصفحات جميعها تحمل إعلانات بأوامر تنفيذ على العديد من المؤسسات والشركات والأفراد وهذا - ولا ريب - سيكون له تأثير سلبي على المجتمع وعلى الاقتصاد فأوامر التنفيذ تعني شلّ حركة الفرد والمؤسسة.

كما أن أوامر التنفيذ في موادها لا تعطي الفرصة الكافية للمؤسسة أو الفرد حيث تنتقل إلى آخر إجراء وهو السجن خلال فترة بسيطة، صحيح أن هنالك بعض المماطلين ولكنني أعتقد أن أوامر التنفيذ لا تعطي الفرصة الكاملة للمؤسسة أو الفرد للتصرف خلاف ما يعانيه القطاع الخاص حديثاً من بعض التقهقر في أدائه.

الأمر الثاني هو محاكم التنفيذ وآلية عملها فالمعروف أن الحكم يصدر آلياً ويقوم صاحب الحكم بمراجعة محاكم التنفيذ ومن يقوم بالعمل في الغالب هم الموظفون خارج مكتب القاضي ويطبقون آلية واحدة والقاضي ليس له دورٌ حقيقي خلاف اعتماد أمر التنفيذ وفق آلية واضحة ومحددة حتى أنه لا يسمح غالباً للمراجع بالدخول ومناقشة القاضي.

فما دام الأمر كذلك لماذا لا تتم الاستفادة من هؤلاء القضاة في المحاكم ويلحق بالمحاكم العامة مكاتب تتولى عملية إصدار أوامر التنفيذ ومتابعتها مع وجود موظفين من وزارة التجارة يلحقون بهم حيث أنها محددة بشكل واضح وفق مدد زمنية مقننة في أجهزة الحاسب، ومن الأمور الأخرى التي يلاحظها الكثير تأخر محاكم التنفيذ في إلغاء أوامرها فهي تصدر بسرعة ولكن إلغاءها يتأخر كثيراً مما يتسبب بالكثير من الأضرار على الجميع.

ولذلك فإنني أرى أن قضية أوامر التنفيذ أصبحت ظاهرة مقلقة تتطلب أهمية وضرورة دراستها عاجلاً من جميع الجهات ذات العلاقة للخروج بآلية تحفظ للجميع حقوقهم.