تدور في لبنان معارك عدة، من أهمها معركة كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركة نيسان اليابانية السابق مع الأنظمة والقوانين في بلاده، ومعركة الشعب اللبناني مع حكومته، ومعركة زوج المطربة نانسي عجرم مع القضاء. دعونا نتخيل أن هذه المعارك دارت قبل عشرين سنة، هل ستأخذ هذا الزخم والحضور في حياة الملايين من البشر سواء في لبنان أو العالم العربي؟ أن تتحول إلى فرجة ومسرح لكل من يريد أن يقول ما يريد قوله. من الصعب أن تحصي عدد القنوات على اليوتيوب التي فتحت لإدارة هذه المعارك والتعليقات في تويتر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي.

تكاد تتحول قضية زوج نانسي عجرم إلى قضية كل إنسان، ليس من باب الفضول الصامت ولكن بالمشاركة في التحقيقات والإدانة والتبرئة والانتصار لطرف على حساب الطرف الآخر. وعندما تسمع وتقرأ ما قيل في قضية كارلوس غصن ستعرف شيئاً وترتج عليك أشياء. هل القانون اللبناني يوجب تسليم غصن للعدالة اليابانية أم لا؟ هل سينتصر اللبنانيون لمواطنهم أم للقانون الدولي.. إلخ.

كارلوس غصن وزوج نانسي عجرم والحكومة اللبنانية يملكون نفوذاً، الحكومة اللبنانية أكثر نفوذاً من رجل الشارع، وهذا ينطبق على زوج نانسي عجرم وكارلوس غصن حيث يسندهما المال والشهرة، بيد أن هذا النفوذ يواجه تحدي الجماهير التي تتابع وتشارك على السوشل ميديا.

عندما ظهر أحد الإعلاميين اللبنانيين وهو يوبخ والد الضحية في قضية زوج نانسي عجرم انقضت عليه الجماهير في السوشل ميديا، انقلب عليه تحيزه، أصبح الحوار الذي أريد له أن يكسب الرأي العام لصالح الفنانة نانسي عجرم في صالح والد الضحية. لن يتمكن الإعلام الموجه أو المسيس أن يقف في صف المليونير كارلوس غصن. فالناس لن تقبل حتى وإن كان الخصم دولة أجنبية. ما نشاهده هو تحول في الوعي الإنساني، صار الرأي العام المستمع في الماضي شريكاً في أيامنا هذه، في الماضي من يسيطر على الإعلام يحكم سيطرته على مسار التوجهات الاجتماعية والسياسية.

الإعلام قبل عشرين سنة كان مقتصراً على الصحف والمجلات والقنوات الفضائية، هذه الوسائل بصورة أو أخرى تحت السيطرة، قسمة بين الأثرياء والحكومات في كل مكان في العالم.

المعارك القانونية والعدلية التي تدور على وسائل الإعلام والسوشل ميديا هي في الحقيقة تدور حول العدالة وليس حول المتخاصمين، السوشل ميديا تضع شرعية مؤسسات الدول على المحك.

لن يذهب أهل الدثور بالأجور بعد اليوم..