لم تكن زيارة تاريخية فقط، ولم يكن حدثاً عادياً، لقاء القائدين الكبيرين؛ خادم الحرمين الشريفين والرئيس الروسي، بل إنها زيارة بالغة الدلالة والعمق تعطي مؤشّراً صادقاً على خصوصية العلاقة وتجاوزها ما يكتنف مثل هذه اللقاءات من طابع بروتوكولي رسمي صرف، ولعل في الحديث المهم الذي صدر من القائدين الكبيرين ما يعكس متانة العلاقة وتجذّرها والتأكيد على أنها علاقة مبذورة في أرض خصبة مثمرة تزداد مع الأيام قوةً ومتانةً ورسوخاً.

لقد كانت كلمة الرئيس فلاديمير بوتين عقب اللقاء وتأكيده سعادته الغامرة أن تتجدّد زيارته للمملكة عقب اثني عشر عاماً وأن هذه العلاقة بين المملكة وبين روسيا تمتد لزمن مبكّر وقديم بدأ منذ العام 1926م، وشهدت تطوراً ملحوظاً جعلها تسير في تناسب طردي عبّر عنه حجم الزيارات المتبادلة بين قيادات وكبار المسؤولين في البلدين التي كانت ذات أثر إيجابي في دفع العلاقات إلى المزيد من التعاون المشترك في المجالات؛ سواء السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو الثقافية وغيرها.

ولعل ملحظاً مهماً أكده الرئيس الروسي وهو أن للمملكة دوراً محورياً كبيراً وعميقاً في استقرار وثبات الأمن والسلم الدوليين وكذلك استقرار سوق النفط، كل هذا يؤكد محورية دور المملكة الذي يتعاظم يوماً بعد يوم، سيما في ظل الأحوال المرتبكة التي يشهدها الإقليم في ظل سعي النظام الإيراني لفرض الهيمنة وإثارة القلاقل، وكذلك ما تقوم به تركيا حالياً من اعتداءات على سورية ما يضاعف دور المملكة باعتبارها لاعباً رئيساً في ضمان واستقرار الإقليم.

إنّ مثل هذه الزيارات المتبادلة بين المملكة وروسيا الاتحادية تدفع بالبلدين قدماً لآفاق أرحب، كما سبق وأن أكد خادم الحرمين -أيده الله- في مناسبة سابقة إذ أكد أننا على قناعة تامة بأن هناك فرصاً كبيرةً تسهم في تنويع وتوسيع قاعدة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وإيجاد أرضية اقتصادية وتجارية واستثمارية قادرة على زيادة استغلال وتقوية الميزات النسبية لصالح البلدين، ودفع عجلة التبادل التجاري بكل محاوره وفقاً لرؤية المملكة 2030م، وإننا عازمون على الدفع بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب، حيث تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة تاريخية ومفصلية من التطور الشامل، وقد ترجمت هذه المرحلة في رؤيتها 2030، وأن هناك تطلّعاً إلى مشاركة روسيا الصديقة في التعاون لتنفيذ برامج هذه الرؤية بما يخدم المصالح المشتركة.

الزيارة كانت واعدة بالكثير من النماء والتعاونات المشتركة التي ستسهم بلا شك في تعزيز العلاقة بين البلدين وبما يضمن -بحول الله- انعكاسها على مستقبل البلدين والعالم أجمع من حيث استقرار المنطقة في جميع المجالات سواء السوق النفطية أو من الناحية الأمنية وتعزيز الجوانب الاقتصادية والسياسية.