من منا لا يتذكر المسرحية المصرية «العيال كبرت» التي تم إنتاجها عام «1979 م»، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بذاكرتنا العربية، حيث فرضت فلسفتها الكوميدية مكانة على القنوات العربية كاملة لتبث في كل المناسبات محققة أرقاماً قياسية لاتضاهيها مسرحيات أخرى، لاسيما في مناسبات الأعياد حيث النكتة والعفوية والعمق بطريقة النقاش التي اخترقت الأذن بكل سلاسة، كأننا جزء من عوالم الأبناء الأربعة.

من منا أيضاً لا يتذكر مسرحية «على هامون يا فرعون»، تلك التي قدم فيها الراحل عبدالحسين عبد الرضا وسعد الفرج أجمل التلقائيات، حين لامست قلوب الخليجيين لتبقى في أعماق ذاكرة المشاهدين.

على مايبدو كانت المسرحيات الكويتية تزاحم المسرحيات المصرية وتقتطف الوقف وتأخذ نصيب الأسد في انتشار فن المسرح الذي لم يعرف إلا من خلال مكانته ونجومه وتأثيره. في محطة «الأبيض والأسود» برزت مسرحية «مدرسة المشاغبين» في عام «1973م» والتي كانت مقتبسة من فيلم بريطاني، كانت متعة السبعينيات ومطلع الثمانينيات، تجربة مليئة بالمفارقات والخيارات.

تلك التجارب المسرحية مازالت تعيش حتى اليوم في ذاكرة المشاهد العربي. الذي حينما يحّن إلى المسرح، تدفعه الرغبة دون تردد أن يعيد مشاهد تلك المسرحيات مراراً وتكراراً، من دون ملل..

هناك سؤال مازال يتردد: لماذا تموضعت وعاشت هذه المسرحيات في أدمغتنا، في حين عجز المسرح نفسه أن يخلق شيئاً جديداً؟

لكن من الصعوبة بمكان أن نضع تجاربنا المسرحية السعودية ضمن قائمة تلك التجارب الحية الخالدة والمستمرة حتى اليوم، رغم محاولات المسرح السعودي الجادة، مثل مسرحية «تحت الكراسي» بداية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، وكذلك «عويس التاسع عشر»، و»للسعوديين فقط» وغيرها التي كانت تتمثل من الراحل محمد العلي أيقونة محركة وناضجة وعبقرية الراحل بكر الشدي وعبدالله السدحان وناصر القصبي قبل ابتعادهم عن المسرح وتشبثهم بالشاشة.

غاب الدعم المالي والفني، وساهم في إهمال وتراجع المسرح السعودي منّذ سنين، هذا هو الحال الذي غُيب معه رحلة إبداعية من المسرح السعودي ومحاولات ربما يقال عنها خَلاقةُ، لكن لو كونَا مسرحاً شبيهاً من البدايات قبل أربعين عاماً أو مثلهم كما كانوا في مصر والكويت، لحفزنا شركات الإنتاج التي بدأت تظهر على السطح من خلال تعاونها مع هيئة الترفيه، وتبنيها كما هو في غالب الدول العربية والتي تتولاها شركات إنتاج ربحية. على الرغم ما يردد على الضفة الأخرى من خطابات شاكية، يطلقها كتاب المسرح بين حين وآخر، حول غياب المسرح السعودي بشكله العميق، إلا أن الحقيقة على مايبدو تتجه نحو تحمل هؤلاء الكتاب جزء من المسؤولية مع جهات أخرى معنية بالمسرح.

«العيال كبرت» مازالت باقية حتى اليوم