كُللت ولله الحمد والمنة جهود الحكومة السعودية بالتوفيق والسداد المرتبطة بإدارة موسم حج هذا العام (1440)، وبذلك تُسجل المملكة العربية السعودية نجاحاً آخر في هذا الموسم، ليُضاف إلى سجل سلسلة النجاحات التي تحققت في الأعوام الماضية.
على وجه العموم، تحرص الحكومة السعودية في كل عام على تشكيل منظومة متناسقة من الأجهزة الحكومية ذات العلاقة والارتباط بإدارة شؤون الحج وخدمة ضيوف الرحمن، تَجمع بين خدمات الرعاية الصحية، والدعوة والإرشاد، والأمن، والنقل والمواصلات والاتصالات وغيرها من الخدمات التي تُقدم للحجاج منذ وصولهم إلى الأماكن المقدسة وحتى مغادرتهم إلى ديارهم سالمين غانمين. وتقوم الحكومة كذلك بتسخير كافة الإمكانات والموارد المالية والبشرية لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار، وفي مقابل تحقيق ذلك، تُضُخ مبالغ واستثمارات رأسمالية ضخمة وطائلة في كل عام في البنىة التحتية والفوقية بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة الأخرى المحيطة، حيث قد شهدت المدينتان المقدستان والمشاعر المقدسة الأخرى خلال الأعوام الماضية توسعات عدة، أسهمت في رفع الطاقة الاستيعابية للمقدسات، ومَكنت الحجاج والمعتمرين والزائرين من الداخل والخارج من تأدية مناسكهم بيسر وسهولة وطمأنينة. من بين التطوير والتحسين، التي شهدتها البنية التحتية والفوقية في الأماكن والمشاعر المقدسة، التوسع في المساحات المخصصة لسكن الحجاج في المناطق المركزية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإطلاق قطار المشاعر المقدسة، وإنجاز جسر الجمرات، والانتهاء من مشروعات توسعة المطارات والمنافذ وصالات الحج والعمرة، هذا بالإضافة إلى التحسين من مستوى خدمات النقل والصحة والنظافة وغيرها من الخدمات اللوجستية اللازمة لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار، وكذلك التأسيس لصناعة ضيافة حديثة ومتطورة لدعم خدمات واقتصاديات الحج والعمرة.
قد يصعب في هذا المقال بسبب المساحة استعراض جميع الخدمات المقدمة للحجاج في هذا العام نظراً لضخامة حجمها وتعدد مقاصدها وأهدافها السامية والنبيلة، لذا سوف أكتفي بالحديث عن الخدمات الصحية باعتبار لها مساس مباشر بحياة الحاج، وأيضاً الخدمات المصرفية بحكم طبيعة العمل.
بالنسبة لخدمات الرعاية الصحية، وبمشاركة 30 ألف من مختلف الكوادر الصحية والمساندة، هيأت وزارة الصحة لموسم حج هذا العام عددًا من المستشفيات والمراكز الصحية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، بلغ عددها 25 مستشفى بسعة (5000) سرير، إضافة إلى تخصيص 156 مركزًا صحيًا، وتجهيز 18 نقطة طبية في قطار المشاعر، و180 سيارة إسعاف، و18مركز طوارئ على جسر الجمرات، و12 مركزاً صحياً على جسر الجمرات.
وقد بلغ عدد الحجاج الذين تلقوا الخدمات الصحية النوعية في المستشفيات والمراكز الصحية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة منذ اليوم الأول من شهر ذي القعدة وحتى نهاية اليوم العاشر من شهر ذي الحجة (421,852) حاجاً وحاجة، في حين تم إجراء (36) عملية قلب مفتوح و(779) قسطرة قلبية، و(1998) عملية غسيل كلوي و(103) عمليات مناظير، و(616) عملية جراحية، بينما تم دخول (3450) حاجاً وحاجة إلى المستشفيات، وتسجيل (11) حالة ولادة، وقد بلغ عدد المستفيدين من خدمات العيادات المتنقلة (18065) حاجاً وحاجة.
وبالنسبة للخدمات المصرفية وبتوجيه من مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) مددت البنوك والمصارف ساعات العمل بالفروع الواقعة في أماكن تجمع الحجاج وبالقرب من الحرمين الشريفين خلال موسم الحج. وقد بلغ عدد الفروع ومراكز التحويل العاملة خلال فترة أيام التشريق وعيد الأضحى المبارك 69 فرعاً ومركزاً للتحويل موزعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، يساندها 31,293 أجهزة صرف آلي ونقاط بيع.
أخلص القول؛ إن الخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج والمعتمرين والزوار للأماكن والمشاعر المقدسة، تشهد تطوراً ملحوظاً عاماً عن آخر يشهد لها الداني في أنحاء العالم الإسلامي وغير الإسلامي، لا سيما وأنها تستهدف بنهاية المطاف تسهيل مهمة الحجاج والمعتمرين والزوار وتَمكينهم من أداء مناسكهم بسهولة ويسر في أمن وأمان، وما ذكرته من خدمات في هذا المقال ما هو إلا جزء من كل، حيث إن هناك خدمات أخرى تُقدمها المملكة، كإصدار التأشيرات الإلكترونية وإنهاء إجراءات حجاج الخارج في ست دول في بلادهم، وتوظيف التقنية في ضبط الخدمات وجودتها، مثل استخدام نظام المسار الإلكتروني والروبوتات الإصطناعية.
التعليقات