بدأت تنقشع، بفضل الله ثم جهود المملكة، غمامة الخلافات العربية شيئًا فشيئًا، فها نحن نشاهد بوادر عودة التقارب بين الدول العربية تتخذ مسارات كسرت حالة الجمود، وهو ما جدد أملنا في نهضة تنموية عربية شاملة من الخليج إلى المحيط، بعد أن كدنا نفقد هذا الأمل؛ بسبب عمق الجراح التي خلفها الجحيم العربي المشؤوم، وتسبب فيها من يقف خلفه؛ حيث تبين للجميع بعد سنوات من التضليل الممنهج خفايا تنظيم الحمدين لتأجيج وإشعال مناطق الصراع في المنطقة، وانغماسه الكامل في تأليب الشعوب العربية لإثارة الفوضى ونشر الدمار، والإسهام المباشر بكل ما يملك من أموال ونفوذ وإعلام أصفر وأدوات رخيصة في تغذية أسباب النزاعات، والعمل على إثارة نعراتها الطائفية والاجتماعية والقبلية والعرقية والسياسية والاقتصادية، وحتى الرياضية منها كانت محل اهتمامهم؛ حيث عمل جاهداً طوال سنوات على زرع الكراهية والدسائس بين الشعوب العربية؛ لتفكيك تلاحمها وأواصرها وترابطها التاريخي؛ لتكون في أضعف حالاتها، ما يسمح بتمرير الأجندات الخارجية، التي تخدم الكيان المحتل في فلسطين، حيث لم يوفر هذا التنظيم العدواني جهدًا لإلحاق الأذى والضرر بالعرب وقضاياهم إلا وبذل المستحيل لتحقيقه.
إلا أن الأحلام لا تستمر، ففي ليبيا دب الوعي بخطورة أهدافه العدوانية، فتحركت طلائع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر لتطهير ليبيا من رجس الإرهابيين والعابثين بأمنها وثرواتها وسيادتها من أتباع الحمدين، ممن حولوا بعض مناطق ليبيا إلى بؤر إرهابية تأوي الدواعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، التي تعمل تحت إمرة استخبارات دول محور الشيطان، ليضع هذا التنظيم نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب الليبي، الذي سئم من هذا العبث الصارخ في الشأن الليبي الداخلي، وإصرار الدوحة على جر ليبيا لبحور الجهل والتخلف والاقتتال الأهلي، ولا يختلف المشهد في الساحة السودانية كثيرًا عن مشهد انتفاضة الوعي الليبي، وقبلها تونس والجزائر في وجه شراذم الحمدين، فالمجلس الانتقالي السوداني رفض بحكمته الترحيب بالوفد القطري المشبوه، في رسالة صريحة وواضحة عن رفض السودان الجديد والشعب السوداني الكريم لمزيد من عبث هذا التنظيم وتدخلاته، وتراقصه على جراح الشعب السوداني، ومحاولاته المستميتة لتطويع السودان لتكون منصة تنطلق منها سهام العدوان على دول الجوار.
لقد انقلب السحر على الساحر، وأصبحت الحكومة القطرية منبوذة من الشعوب الواعية والمحبة لأوطانها، وغير مرحب بسياسات حكومتها المراهقة من قبل قيادات دول المنطقة، التي قدمت مصالح شعوبها وأوطانها على أحلام وعبث "شيوخ النقص"، فمن تسبب في آلام وهلاك وتشريد ملايين من شعوب المنطقة العربية، وأسهم في تدمير حضاراتها التاريخية وآثارها وشواهدها واستقرارها، لا أظنه يمتلك من الشرف ما يكفيه ليؤهله للعب دور سياسي محوري في المنطقة.
التعليقات