كنا خلال الأسابيع القليلة الماضية على موعد مع أحداث متسارعة ومتغيرات ساحقة، وتحركات دبلوماسية ضاربة، ونجاحات صناعية عسكرية سعودية باهرة، ولفتات إنسانية مفرحة، أسقطت معها كثيرا من أحلام عشاق الدم والحروب والدمار في المنطقة.

ففي الشأن المحلي، أشرقت فرحة السعوديين مع شروق أمر الملك -رعاه الله - بإطلاق سراح جميع السجناء المعسرين من المواطنين في المنطقة الشرقية، كما جرت عادته الكريمة عند زيارة أي مدينة سعودية، لننتشي بعدها فخرًا بالوطن، ونحن - بفضل الله - نستمع إلى "حلق فوق أغلى أرض" من أمير التحدي والإنجاز، وأمره بإقلاع أول طائرة تدريب نفاثة من طراز "هوك"، تم تجميعها بالكامل على الأراضي السعودية، وتصنيع عدد من أجزائها الرئيسة محليًا، وبخبرات وسواعد سعودية، ضمن إطار تمكين الصناعات الوطنية الحربية، ودعم الاقتصاد الوطني، وخلق وظائف نوعية لشبابنا السعودي، محققة بتحليقها بعض طموحنا الذي عانق عنان السماء.

أما على الصعيد الدولي، فكانت النجاحات متعددة، بداية من زيارة خادم الحرمين الشريفين الناجحة بجميع مقاييسها إلى تونس الخضراء، وإطلاق مبادرات تنموية واقتصادية عبرت عن عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين؛ حيث انعكست هذه الإيجابية على القمة العربية الأخيرة في تونس، عندما مهدت السعودية من خلال ترؤسها للقمة السابقة الأرضية الصلبة، التي انطلقت منها قرارات القمة الحالية، ورسائلها الحاسمة لبعض دول الجوار؛ حيث عملت جاهدة على توحيد الصفوف، ولملمة الجراح، وتقريب وجهات النظر، فتحققت رغبتها بوجود وتعاون بعض القيادات العربية المسؤولة، التي استشعرت مسؤوليتها تجاه أوطانها وشعوبها، وحجم الاستهداف الخارجي للمنطقة، فخرجت تأكيدات قمة تونس على ضرورة مواجهة التدخلات الإقليمية الخارجية، التي تسببت في كوارث إنسانية غير مقبولة في بعض دول المنطقة العربية، وهو ما أغضب "مطراش" تلك الدول الإقليمية، ففر "المنبوذ" مهرولاً نحو طائرته من هول الصفعات التي تلقاها منذ بداية القمة.

ولم تنتهِ أحداثنا هنا، بل سعدنا بعدها بخبر زيارة وفد سعودي رفيع المستوى للعراق الشقيق، ضمن أعمال دورته الثانية لمجلس التنسيق السعودي - العراقي؛ لترسيخ العلاقات الثنائية، وإيجاد مساحات أكبر للتعاون في المجالات الاقتصادية، وغيرها من المجالات المتعددة، والعمل على إيجاد قواعد مشتركة تنطلق منها الشراكات الاستراتيجية بين البلدين، كما أن الشعب العراقي الشقيق، الذي تربطنا به علاقات أخوية تاريخية، لم يخرج خالي الوفاض من هذا الإيثار السعودي، فهدية الملك سلمان للعراق الحبيب وتوجيهه الكريم ببناء مدينة الملك سلمان بن عبدالعزيز الرياضية في العراق، كجزء من مليار دولار منحة لمشروعات تنموية ما هي إلا تعبير عن محبة سعودية حكومية وشعبية حقيقية، تطمح إلى إعمار وعودة بلاد الرافدين كما كانت شامخة بنهضتها وعلمها مستقرة آمنة حرة.