يستغربون حجم عشقنا لمدينة ساحرة تتوسط شبه الجزيرة العربية، وتتربع بعظيم تاريخها العريق على هضاب نجد العذية، فهذه المدينة القاطنة بين كثبان الصحراء تثير اهتمامك وتجذب فؤادك رغم قسوتها الصحراوية، فهي تقسو عليك صيفاً بأجوائها النهارية، لكنها تأخذك على حين غرة ببهائها وجمالها ورقيق مسائها وبدرها الساحر، وتأسرك بشتائها وربيعها لتقع ضحية عشق أبدي كما وقع ضحيته من قبلك الملوك والأمراء والشعراء والزوار وأهل الدار ممن تغنوا فيها حبًا وعشقًا وهيامًا وغرامًا ونثرًا لحروف القصيد.

الرياض أو حجر اليمامة كما يذكرها التاريخ القديم قد عاصرت حضارات عديدة طوال قرون، لكنها لم تكن كموعدها مع أمير شاب طموح ذي همة وعزم يسابق بها الزمن والصعاب ليرتقي بمدينته الطينية لمصاف المدن الكبرى المتقدمة، حيث جمع لنا فيها "الماضي والحاضر والمستقبل" وزرع فيها روح الهوية التاريخية وأنجز حداثتها العمرانية، فمنذ تولي الملك سلمان -حفظه الله- إمارة الرياض عام 1954 بالإنابة ومن ثم توليها رسميًا عام 1955، ومدينته الرياض لا تفارق جدول أعماله وتشغل قلبه وحيز أفكاره وتعانق طموحه وافتخاره، لتتحول معه من مدينة طينية صغيرة لا تمتلك أبسط الإمكانات وسبل الحياة إلى مدينة عصرية تتوفر فيها كل سبل الراحة والحياة المدنية الحديثة، مسجلة نفسها بذلك كأسرع الحواضر نموًا في العالم، حيث قفز تعداد سكانها عند توليه إمارة الرياض حينذاك من 100 ألف نسمة تقريباً إلى أكثر من 8 ملايين نسمة، ومن مساحة لا تتجاوز بضعة كيلومترات محدودة إلى أكثر من 1900 كيلو متر مربع خلال نصف قرن من العمل الدؤوب، وهو ما يضعنا أمام حجم الإرادة والعزم والاهتمام الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين لمدينة الرياض منذ بداية شبابه ليرتقي بها ولتصبح عاصمتنا الرياض من أكبر المدن العربية والعالمية، ومن أكثرها تقدمًا وتطوراً.

وها هي عاصمتنا المجيدة تعود لنا بموعد جديد مع التميز الذي اعتدناه من الملك سلمان وولي عهده الأمين ورفضهما التوقف عند هذا الحد من الارتقاء والتطور والازدهار العمراني والمدني والبيئي، والذهاب بنا نحو تحدّ جديد لبناء رياض المستقبل من خلال إطلاق مشروعات كبرى فريدة من نوعها لم يسبقنا إلى بعضها أحد، وهو ما سينقل مدينة الرياض وباقي مدن المملكة بحول الله وتوفيقه لمسافات بعيدة عن باقي مدن العالم.

إن ما تشهده بلادنا من تطور وتقدم وازدهار في جميع أراضيها وجبالها وبحارها وفضائها يدعونا إلى الفخر بهذه الإنجازات والمكتسبات الوطنية، وهو ما يستوجب منا جميعاً زيادة الوعي بقيمة تلك المشروعات التي ستكفل لنا العيش في بيئة حياتية متقدمة تستوجب منا الحفاظ عليها والاندماج فيها.