مع انتهاء العام 2018 والاقتراب من اكتمال الربع الأول من العام 2019، وبالأخذ في الاعتبار الدور المحوري الذي يلعبه نشاط التمويل العقاري في منظومة الإسكان ودوره في نجاح الخطط الموضوعة لزيادة العرض وتمكين الطلب في قطاع الإسكان، كان من الضروري رصد ما حققه ذلك النشاط خلال العام الماضي وبدايات العام الحالي وتحديد الدلالات التي يعبر عنها تحليل أداء هذا النشاط.

ولعل أول ما يلفت النظر هو الطفرة التي تحققت في تلك الفترة فيما يتصل بتمويل الأفراد وتمويل الشركات سواء من حيث قيمة القروض أو عددها، فقد وصل الإجمالي التراكمي للقروض العقارية السكنية من البنوك حتى نهاية الربع الرابع من العام 2018 نحو (240،2) مليار ريال، منها (141،4) مليار ريال للأفراد و(98،9) مليار ريال للشركات، بنسبة نمو سنوي (16،4 %) وربعي (6،6 %) لقروض الأفراد، ونسبة نمو سنوي (9،8 %) وربعي (3 %) في قروض الشركات.

وعلى نحو مشابه وعلى نطاق أصغر، نجد أن إجمالي القروض العقارية من شركات التمويل العقاري لغاية الربع الرابع من العام 2018 بلغ (16،1) مليار ريال، منها (13،3) مليار ريال للأفراد و(2،8) مليار ريال للشركات، بنسبة نمو سنوي (9،6 %) وربعي (3،4 %) لقروض الأفراد، ونسبة نمو سنوي (9،0 %) وربعي (4،8 %) في قروض الشركات.

ومن الأرقام اللافتة أيضاً، بلوغ قيمة القروض الجديدة المقدمة من المصارف التجارية للأفراد في العام 2018 (9،7) مليارات ريال بزيادة سنوية في حجم التمويل (42،76 %) وفي عدد القروض (64،69 %)، ونمو الائتمان المصرفي للتشييد والبناء بنسبة (8،5 %) سنوياً.

كما أنه وفي العام 2018 ارتفعت نسبة القروض العقارية للأفراد إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لتبلغ (10،48 %)، كما ارتفعت نسبة إجمالي القروض العقارية للأفراد والشركات إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لتبلغ (17،36 %).

وأما في الشهر الأول من العام 2019، فالأرقام توضح تسارع وتيرة الإقراض العقاري، ففي هذا الشهر فقط بلغ عدد القروض الجديدة للأفراد (9.578) قرضا بقيمة (4،766) مليارات ريال وهو ما يقارب إجمالي عدد القروض في كامل الربع الأول من العام 2018 والتي تبلغ (9.790) قرضا، وحوالي (75 %) من قيمة القروض في كامل الربع الأول من العام 2018، لتبلغ الزيادة في إجمالي عدد القروض العقارية (258 %) سنوياً و(48 %) شهرياً، والزيادة في حجم التمويل (175 %) سنوياً و(32 %) شهرياً.

وبالإضافة للنمو المتزايد للتمويل العقاري، فهناك نتائج أخرى ذات دلالة تعبر عن الرواج الذي يشهده القطاع العقاري، إذ أنه استنادا لما أظهرته بيانات الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2018 والبيانات الأولية للناتج المحلي الإجمالي للعام 2018 حسب نوع النشاط الاقتصادي بالأسعار الثابتة للعام 2010، فإنه يتضح أن قطاع الأنشطة العقارية كان الأعلى نموا خلال الربع الرابع من العام 2018، كما أظهرت النتائج أنه خامس أكثر نشاط اقتصادي مساهمةً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (5,24 %)، بالإضافة إلى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة (9،3 %).

وبشكل عام يمكن تفسير أداء قطاع الأنشطة العقارية خلال العام 2018 وبدايات العام 2019 بأنه نتاج تناغم منظومة الإسكان ومؤسسة النقد العربي السعودي، والذي أثمر عن تقليل المخاطر وتشجيع تمويل مستحقي الدعم السكني، بالإضافة لنمو تمويل شركات التطوير العقاري من خلال مشروعات الشراكة والبيع على الخارطة، وبالنظر لأعداد مستحقي الدعم السكني، والضمانات التي يتم توفيرها، ومع تراكم الخبرات لدى القطاع المصرفي والنجاح المتنامي لتلك التجربة ونمو عدد مشروعات الشراكة والبيع على الخارطة، فإنه من المتوقع في الفترة القادمة استمرار التحسن في أداء قطاع الأنشطة العقارية بما ينعكس إيجاباً على قطاع الإسكان بشكل خاص وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، وبما يحقق مستهدفات برنامج "الإسكان" أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.

علي آل جابر*