المؤشرات ببدء انحسار أزمة السكن وحلحلة هذه المشكلة ومعالجة التشوهات التي طالت القطاع العقاري لعدة عقود هي مؤشرات إيجابية بإذن الله تعالى، بعد أعوام من المعاناة في توفر الحلول لتملك السكن، والتي تعود لعوامل تاريخية متراكمة أوصلتها إلى هذا المستوى.

هذه العوامل تراكمية ابتداءً من ضعف التخطيط وعدم القدرة على التنبؤ باحتياجات السكان من كافة الشرائح، وعدم مواكبة تمدد المدن وانتشار الأحياء التي تفتقد التخطيط والخدمات، وتمكن بعض الأفراد والمؤسسات من الحصول على مساحات كبيرة من الأراضي واحتكارها، واستغلال البنوك لحاجة المواطن وزيادة الفوائد على القروض والتركيز على القروض الاستهلاكية وليس العقارية، ودخول مجموعة من التجار والصناعيين والبنوك والشركات المساهمة وتجار الأسهم بعد أزمة 2006م إلى السوق العقاري وشراء الأراضي بأسعار زهيدة واحتكارها والمضاربة فيها وتضخيم أسعارها مع اندفاع المواطنين وراء موجة الشراء حتى تجاوزت الأسعار قدرتهم الشرائية، وأخيرا عدم اهتمام المواطن بالتملك مبكراً وضعف ثقافة الادخار لديه.

رحلة التصحيح بدأت بعدما مرّ السوق العقاري بالعديد من المشكلات والأزمات هبوطاً وصعوداً حتى وصول الأسعار إلى أرقام فلكية لا تتناسب مع طبيعة الموقع والمدينة وبيعت الأراضي بأضعاف سعرها، ومنذ العام 2014م بدأت الأسعار بالهبوط إلى أرقام مقبولة في يومنا هذا مما حفّز الباحثين عن السكن للجوء إلى الحلول المطروحة وغالبيتها من وزارة الإسكان، والتي قدمت الكثير من الحلول من خلال منتجاتها المتنوعة وبرامجها لضبط السوق وزيادة المعروض من الأراضي القابلة للتطوير والدخول في شراكات مع مطورين عقاريين جدد، وكذلك صندوق التنمية العقاري الذي ضخ الكثير من القروض خلال العامين الماضيين.

الملاحظ أن هناك ارتياحا لدى شريحة عريضة من المواطنين بحلول الإسكان المطروحة حالياً من قبل وزارة الإسكان والتي ساهمت في خفض الأسعار وضبط السوق والقضاء على الاحتكار والمضاربة ودعم المستحقين للسكن من شرائح محدودي الدخل ومستحقي الدعم المجاني ومتوسطي الدخل.

وحلول الأزمة ظهرت مؤشراتها بعد طرح وزارة الإسكان لمنتجات سكنية متنوعة، سواء أراضي مطورة أو مساكن جاهزة أو تحت التطوير وبأسعار لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعها وفي مواقع مميزة في المدن الرئيسة والمحافظات. كما سرّعت القروض لمن هم في قوائم الانتظار، وبرنامج دعم العاملين في القطاع العسكري وبرامج الإسكان التنموي، كما تسعى لتغطية الطلب ودعم المتبقي من المتقدمين للقرض وتجاوز عددهم المليون بالإضافة إلى طالبي السكن من فئة الشباب المقبلين على الزواج خلال السنوات القادمة.

من المؤشرات الإيجابية أيضا أن هناك صحوة جديدة وتطوراً في الفكر العقاري لدى جميع الشرائح وظهور شركات تطوير ومشروعات جديدة واهتمام للاستثمار في السوق العقاري، مع زيادة الوعي بأهمية وأولوية تملك المسكن وظهور جيل جديد سيحرص على عدم تكرار أخطاء من لم يستغل الفرص.