توقفت وغيري عند بيان رسمي صادر من وزارة الخارجية القطرية تدعو فيه حكومتي باكستان والهند النوويتين ممن تجاوز تعداد سكانهما المليار ونصف المليار نسمة إلى "ضبط النفس"، وكأنهما كانتا تنتظران تدخل تنظيم الحمدين العدواني الفاقد لسيادته وقراره والمحتل من قبل قوات أجنبية متعددة لفك النزاع التاريخي بينهما، كنت سأتجاوز بيانهم في حال تم استخدام مفردات سياسية ناعمة تتناسب مع حجمهم الإقليمي والقاري من باب تذكير العالم بوجود حكومة قطرية منبوذة لا تجد لنفسها على الخارطة السياسية العالمية موقعاً يسلط عليها الضوء، لكن عبارة "ضبط النفس" وفي بيان رسمي! فهذا في الأعراف العامة لا يصدر إلا من دول تمتلك من القوة والمكانة السياسية والاستقرار ما يكافئ إطلاق مثل هذه العبارات الصارمة وهو أمر مثير للضحك لا محالة.

كما أظنه قد جاء ليدعونا للسخرية من تناقضات وممارسات "تنظيم الأراجوزات"، فهو يشدد في بيانه على ضبط النفس خوفاً من اندلاع حرب مدمرة في المنطقة، بينما في واقع حاله هو غارق في وحل إشعال الحروب الأهلية ودعم الأحزاب التخريبية وتسليح التنظيمات والفصائل الإرهابية، وتأجيج وتأليب وشحن نفوس الشعوب العربية لاختراق خطوطها الأمنية، من خلال خونة باعوا الذمة والوطن لأجل منافع مالية، ونشر الفوضى في البلدان للتلذذ بتطاير أشلاء البشرية، والفرح بتشريد النساء والشيوخ والأطفال دون رحمة أو أي إنسانية، منتهكين بأفعالهم القبيحة كل المحرمات الإلهية، مسلطين مرتزقتهم وعملاءهم وخونتهم لنسف كل مكتسبات الدول الوطنية، والعمل على تمزيق نسيج المجتمعات المدنية، وإثارة الفتن ونشر الكراهية، وحرق المدن والحضارات التاريخية، ولا تكاد تجد شراً في العالم إلا وكان هناك بصمة شيطانية قطرية، وهو ما يجعل هذا التنظيم كما عهدناه دائماً لا يجيد إلا "ضبط" الكذب والتزييف والافتراء والغدر والخيانة وصنع المؤامرات والدسائس.

وبما أن حديثنا عن الكوميديا، يبدو لي أنها لن تتوقف عند هذا الحد فالتصريحات الفانتازية المتلاحقة والصادرة من كوميديانات العمائم السوداء لا تقل فكاهة عن ثرثرة تنظيم الحمدين، ما يكشف لنا حقيقة حجم الإفلاس السياسي الذي وصل إليه حلف الشيطان وهو يشهد أمام ناظريه تهاوي تحالفاته السياسية والعسكرية وأحلامه في المنطقة، وتلاشي جهود سنوات طويلة من الإعداد والتخطيط الخبيث لتدمير المنطقة، وبكل تأكيد لن يقف الأمر عند هذا الحد بل سيستمرون باللعب على المتناقضات اللا أخلاقية لأجل لفت الأنظار وتحقيق أي انتصار زائف، وسنستمر بدورنا بالضحك على حكومات اختارت طريق الضياع في غياهب الأطماع والأحلام الشخصية.