طلب موظف الجوازات من المسافر في صالة الوصول وضع إصبعه على جهاز البصمة بصيغة عادية فسرها المسافر بأنها صيغة تشبه الأمر، لأنه حسب رأي المسافر لم يقل لو سمحت.

عبارة (لو سمحت) كان ينتظرها المسافر، لكن الموظف لم يقلها ليس لأنه لا يحترم المسافر لكنه حسب ظني لم يتعود على استخدامها. طلب المسافر من الموظف أن يقول تلك العبارة اللطيفة لكن الموظف شعر أن الطلب فيه نقد وعدم احترام لعمل الموظف. المسافر كرر الطلب متمسكاً بموقفه، الموظف لم يستجب للطلب ربما لأن طريقة المسافر لم تكن مناسبة. حوار بين الطرفين كنت أخشى أن يتطور إلى ما هو أسوأ. حدث ذلك أمامي لأني كنت مع الموظف المجاور وسمعت ما دار

بينهما بسبب هذه المجاورة وليس بسبب لقافتي، آخر ما سمعته أن المسافر سيتحدث إلى المدير.

إذا اعتبرنا أن الموظف أخطأ في عدم استخدام عبارة (لو سمحت) فإن المسافر أخطأ في التعامل مع الموظف حين بالغ في تضخيم الموقف وأصر على إحراج الموظف ووضعه في موقف الدفاع على تصرف لا يستحق التصعيد، كان يمكن للموظف أن يستجيب لطلب المسافر لكن الأخير كان هو الآخر يطالب بالعبارة اللطيفة بطريقة محرجة، ومع ذلك كنت أتمنى استجابة الموظف لطلب المسافر وعدم اللجوء للعناد الذي لا يليق بوظيفته.

هي حالة إدارية بسيطة لكنها قد تتطور إلى فقدان السيطرة على الغضب والإقدام على سلوك لا ينفع معه الندم. هذه الحالة لها علاقة بالسلوك الإداري والتعامل مع الجمهور والتدريب. من يسافر إلى دول مختلفة سيلاحظ في صالات الجوازات في كل أنحاء العالم أن الموظفين يتسمون بالصرامة والتعامل الرسمي الجاف. كنا في الماضي نشارك العالم بهذا النوع من التعامل، أما الآن فيجب أن نعترف بوجود تغيير نحو الأفضل في سلوك الموظفين. لا أجد ما يمنع من الجمع بين اللطافة وتطبيق النظام وهذا هو التطور الحاصل في قطاع الجوازات عندنا وفي قطاعات أخرى. قد تحصل حالات استثنائية ربما بسبب عدم تناسب طبيعة العمل مع شخصية الموظف، وربما بسبب نقص التدريب.

الجانب الآخر من الموضوع هو سلوك المستفيد من الخدمة، له حقوق وعليه واجبات ومن واجباته احترام النظام. المسافر في قصتنا كان يحترم النظام لكنه أراد أن يسمع الكلمة اللطيفة، فات على الموظف أن يقولها، فجاء رد فعل المسافر مبالغ فيه، حتى وإن كان ما يطلبه فيه شيء من المنطق.

في نهاية المطاف، مثل هذه المواقف وإن كانت صغيرة تذكرنا بحاجتنا جميعاً لدورات تدريبية في تنمية مهارات الاتصال، والتعامل مع الانفعالات والسيطرة على الغضب، هذه المهارات يجب اكتسابها في المدارس والجامعات ومراكز التدريب.