تمر المنطقة منذ سنوات بعواصف وزوابع سياسية ومتغيرات إقليمية ودولية تواجه فيها بلادنا استهدافاً منظماً وممنهجاً تشنه دول وجهات معادية تلاقت مصالحها الساقطة في عداء السعودية واستهدافها، وهو ما يضاعف من مسؤوليات الإعلامي ووجوب استشعاره لمسؤولياته ودوره وواجباته في مثل هذه المرحلة الحساسة، حيث لا يمكن بحال من الأحوال القبول بأي تصرف غير مسؤول يساء فيه لمجتمعنا في أوقات نحن أحوج فيها لاحترافية تدعم مواقفنا الخارجية ولا تنسف جهود الآخرين من الأفراد والإعلاميين، ممن استشعروا مسؤولياتهم الوطنية وبذلوا جهودًا شخصية جبارة في تفنيد الأكاذيب والادعاءات الباطلة والمغلوطة والمضللة لتصحيح المفاهيم وكشف الحقائق عند من غيبهم الإعلام المعادي بآلته الإعلامية الضخمة التي احترفت فنون التدليس والتزوير والافتراء والتجني واللعب على المتناقضات وازدواجية المعايير.
لا أحد منا يرفض رفع سقف حرية تناول أيّ من القضايا الحساسة من باب التوعية الاجتماعية وتبيان مسبباتها ومعالجتها والإشارة إلى مكامن الخلل فيها وعدم انكارها، لكن يجب أن تطرح مثل هذه القضايا بموضوعية وجدية تخدم المجتمع وتعالج سلبياته دون تشويه "استعراضي" يعتدي على كثير من إيجابيات المجتمع الطاغية على سلبياته، وليس بالضرورة أن نتناول كل قضية محلية بنفس الأسلوب وطريقة الطرح فبعضها يحتاج للتعقل والتأني والنظر لأبعاد خطورة القضية ومثل هذه القضايا لا تحتمل الصياح والتهويل والابتذال وتحويل الأمر لحراج إعلامي عشوائي يعج بالفرقعات الصوتية وغارق في اجترار المفردات العامية وتوزيع النظرات الجانبية وتلميع الذات الشخصية لأجل جذب الأنظار.
إن الأوضاع الراهنة تتطلب منا جميعًا أفرادًا وإعلاميين إدراك "لماذا وكيف ومتى نطرح قضايانا" وأن يكون طرحًا مبنيًا على إعداد موضوعي يحقق بشموليته أهدافه ويغطي جميع جوانب القضية المطروحة، ومدعوماً بالإحصائيات الرسمية ليتسنى للمتلقي الحكم على مثل هذه الحالات وإن كانت ظاهرة مجتمعية أم حالات فردية بعضها حقيقي نتعاطف معه والآخر منها مفتعل وواقع تحت تأثير وتحريض جهات خارجية معادية، ولكي لا يذهب القارئ لاتهامي بمصادرة الحريات وانكار السلبيات، أكرر ما قلته سابقًا: إن النقد الهادف والبناء مطلب وطني وضروري لتقويم أي مجتمع وسلوكياته، كما لا يمكن طمس دور النقد المسؤول في دق نواقيس الخطر وتنبيه المجتمعات والحكومات لمكامن الخلل والعواقب المحتملة، لكن يكون ذلك من خلال "وعي إعلامي متكامل" يستشعر فيه الإعلامي حساسية المرحلة والأولويات وحسن الاختيارات ومراعاة ظروف الأزمات بناءً على معطيات الأحداث المتسارعة ومتغيراتها وأن يكون "طرحًا ذكيًا" يليق بحساسية القضايا حتى لا تستغل من أطراف خارجية معادية تنتظر من أحدنا ما يؤكد ادعاءها الباطل وإلا فإن "السكوت من ذهب".
التعليقات