تعتمد مرجعية النظام القضائي في المملكة على أحكام الشريعة الإسلامية، والتنظيمات المرعية التي لا تتعارض معها، بما يحقق استقلالية القضاء، وفصل السلطات، وترسيخ دولة الشريعة والقانون، كما يمثّل الاحتكام إلى الشريعة دستوراً ونظاماً للحكم في المملكة، مثل أي دولة لها دستور ونظام يجب على الجميع الالتزام به ما داموا على أراضيها، بغض النظر عن ديانتهم.

وعلى الرغم من أن تطبيق الشريعة في أحكام القضاء حق سيادي للمملكة، إلاّ أن معظم مبادئ وقيم القضاء السعودي تشترك مع الأنظمة العدلية الدولية، ومن ذلك استقلالية القضاء، وحق التقاضي المكفول بالتساوي بين المواطنين والمقيمين، وتعدد درجات التقاضي على مرحلتين ابتدائية واستئناف، إلى جانب علانية المرافعات لمراقبة حسن سير العدالة، ومجانية التقاضي، وحصانة القضاة، وتأصيل الأحكام القضائية، وحق أي من أطراف الدعوى في الاستعانة بمحام في جميع مراحل سير القضية.

اليوم وزارة العدل تحقق منجزات غير مسبوقة كماً وكيفاً على أكثر من صعيد تنظيمي ومهني وتقني، وتلتزم بمؤشرات عالمية في قياس الإنجاز؛ كان آخرها تقرير مجموعة البنك الدولي بقفز المملكة 24 مرتبة في مؤشر إنفاذ العقود من 83 إلى 59 عالمياً، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات دولية رغبة في الانفتاح على التجارب والممارسات العدلية العالمية.

ومع كل ما تحقق، إلاّ أن الحاجة تبدو أكثر إلحاحاً في نقل رسالة العدالة السعودية إلى الخارج، من خلال زيارات وبرامج وفعاليات ومشاركات دولية، حيث ننتظر من وزارة العدل أن تجيب عن كثير من التساؤلات التي يحاول البعض في الغرب أو الشرق إثارتها والتشكيك حولها في القضاء السعودي، فضلاً عن إبراز مميزاته في جوانب التنظيم، وتخصيص المحاكم، وضمان حقوق المتهم، وجذب المستثمرين، إلى جانب دعم حقوق المرأة، وتمكينها من العمل في مجال العدالة.

إن التاريخ الطويل والمشرّف للقضاء السعودي لا يستحق أن تثار حوله تساؤلات، أو حتى مجرد تشكيك، ولكن محاولة البعض دولا ومنظمات وهيئات ومجالس مقصودة في تمرير رسائل أخرى، منها ما يرتبط بمصدر التشريع الإسلامي للقضاء، وأخرى في محاولة النيل من المملكة واستهدافها بطريقة أصبحت مكشوفة، وغير مستساغة، ولا يُقبل السكوت عنها، أو التأخر في الرد عليها.

لقد نجح د. وليد الصمعاني خلال زيارته إلى الصين في شرح جوانب القضاء والتحكيم للمستثمرين الصينيين، وننتظر منه جدول أعمال خارجيا في واشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل وغيرها من العواصم؛ ليجيب بوضوح عن كل ما يثار تجاه منظومة القضاء المستقل النزيه في المملكة، ويخاطب تلك الدول ومؤسساتها بأن القضاء السعودي خط أحمر.