في العام 1740 تزوج رجل من البلاط الروسي يدعى جالتيزين بامرأة إيطالية فغضبت القيصرة آنا نوفا لأنها منعت الزواج من الأجنبيات. وكي يكون عبرة لغيره أمرت ببناء قصر ثلجي ضم أسرة وأثاثاً من الثلج البراق كي يكون منزلاً للعروسين مدى الحياة.. العجيب أن العروسين عاشا في هذا القصر أطول من القيصرة وأنجبا طفلين تمتعا بمناعة طبيعية ضد شتاء روسيا القارس!

وقد يبدو هذا العقاب قاسياً ولكنه في الواقع ليس قاسياً على سكان سيبيريا.. فأجساد البشر في المناطق الجليدية الباردة تتأقلم بشكل جيد مع درجات حرارة متدنية من شأنها القضاء على من ولدوا في المناطق الاستوائية الحارة.

وهذه الظاهرة نلاحظها أيضاً لدى قبائل الأسكيمو في ألاسكا الذين تأقلموا بشكل مدهش مع الأجواء الباردة ويستطيعون تحمل درجات حرارة متدنية تسبب الوفاة لرجل يعيش في ليبيا أو عمان.. وهناك قبيلة تدعى ألونيت يسبح أطفالها في المياه المثلجة واللعب عراة "تحت الصفر" دون مشكلات تذكر.. وفي العام 1987 قطعت فتاة من هذه القبيلة - اسمها كوكيس لين - مضيق بيرمنج بين ألاسكا وروسيا في فصل الشتاء متفادية قطع الجليد الطافية!!

أما في التيبت فـيعيش الرهبان أشهر الشتاء "وعلى ارتفاع 15000 قدم" مكتفين برداء أحمر خفيف. وكانت الرحالة الاكسندرا انيل أول من لفتت الانتباه العام 1920 إلى قدرة الرهبان العجيبة على تحمل البرد القارس فوق هضبة التيبت "التي تسمى سقف العالم". وقالت: إن هذه الموهبة تعود إلى تمارين تأملية خاصة تتيح لهـم تـوليد حرارة داخلية تدعى التيمو Temo. وتتم تنمية هذه المقدرة لدى صغار الرهبان من خلال الغطس في برك مثلجة ثم الخروج منها والبقاء في العراء حتى يجف الرداء.. وفي العام 1981 أجريت أول دراسة موثقة لهذه الظاهرة من قبل كلية الطب في جامعة هارفارد اكتشفت قدرة الرهبان العجيبة على التحكم بـالأوردة السطحية، وزيادة ضربات القلب، بحيث يندفع أكبر قدر من الدم لسطح الجلد فتحصل التدفئة الذاتية أو التيمو حسب تسمية أهالي التيبت "والتي لا تختلف عما يسمى طبياً رد الفعل الانعكاسي الذي يمرن عليه بعض المرضى للتحكم بضغط الدم وضربات القلب"!!

على أي حال؛ طالما نعيش هذه الأيام أوقاتاً شتوية "تناسب أجسادنا" أنصحكم بتجربة هذه الطريقة..

فمن الواضح أن قدرتنا على تحمل البرد "والإصابة بأمراض البرد" تعتمد على طريقتنا في التفكير تجاه تحملنا لدرجات الحرارة.