بدأت هيئة الترفيه خطواتها الأولى منذ أكثر من عامين ونصف العام، وهو ما يضع لها العذر كأي جهة جديدة كان لها ما كان من الأخطاء والهفوات في بداياتها، إلا أن الضيف الجديد كان أكثر جذباً للأنظار فهو من كان مسؤولاً عن خوض غمار تحديات التغيير وترسباتها الطويلة التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً اختطف فيها المرح ليصبح محصوراً داخل البيوت والممتلكات الخاصة والمزارع والاستراحات والخلاء البعيد وخارج أسوار الوطن، وهو ما جعل من أخطائها محل محاكمات ورصد المجتمع بمختلف أطيافه.

إن الشعب السعودي لا يختلف بطبيعته عن شعوب الأرض، بل يكاد أن يتفوق عليها بضيافته وروحه المرحة والمتسامحة وسرعة بديهته وخفة ظله وشغفه بالمرح ورسم الابتسامة وارتفاع غريزة الإقدام وحب الاستكشاف والمغامرة، وهو ما سيمنح هيئة الترفيه جمهورًا كبيرًا متميزاً بتعدد أعماره ومواهبه وهواياته واهتماماته، ويستحق بجدارة كل اهتماماتها وعنايتها فيما تنتقي وتقدم من فعاليات ترفيهية وتنافسية وثقافية تضيف للفرد ما يثريه ويرتقي بثقافته العامة، فجمهورها ذائقته رفيعة وانتقاداته مباشرة وصريحة وإرضاء متطلبات تنوعه تكاد تكون شبه مستحيلة، وكل ما دون المستوى لن يجذب اهتماماته مهما اشتد بريقه.

هذا الجمهور العريض رغم غياب فعاليات الترفيه بمفهومها الحقيقي عنه لسنوات عديدة إلا أنه يكاد يعد الأول على مستوى العالم في خوضها وتجربتها ومواكبة تطوراتها ومستجداتها من خلال اطلاعه ورحلاته السياحية العديدة، لهذا لا أجد نفسي أحسد مسؤولي هيئة الترفيه على صعوبة وتعقيد مهامهم الموكلة إليهم فهم أمام "الجمهور الصعب" لكن كلي أمل أن القادم أجمل خصوصاً إذا استطعنا أن نتجاوز بعض الأخطاء والهفوات الترفيهية السابقة، وهو ما يضع هيئة الترفيه أمام مسؤولية مجتمعية شاقة تتطلب جهودًا خارقة ومضاعفة في اختيارات فعالياتها ومنح تراخيصها ووجوب تنوع وتعدد الفعاليات لتحاكي كافة شرائح المجتمع تلبيةً لتنوع اهتماماتها وقدراتها المالية المتفاوتة، وأجد نفسي من بين كل هذا أميل للتفاؤل بعد أن أصبحت الخيارات متعددة، فالترفيه انطلق لمفاهيم جديدة مختلفة عن سابقتها من المبادرات مما سيضفي على بلادنا روح الجذب السياحي والترفيهي وانعكاسه المباشر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي.

وقد نتفق مع بعض الفعاليات ونختلف مع أخرى، وهو أمر طبيعي أمام ثقافة حضرت بعد غياب مفاهيمها لثلاثة عقود عن حياة المجتمع وأفراده، وهو ما يضعنا أمام حقيقة لا مفر منها بأن المجتمع السعودي متعدد الثقافات والاهتمامات، وهو ما يفرض الحيادية على هيئة الترفيه وضرورة تنويع فعالياتها وترك حق اختيار الفرد للوجهة التي تناسبه من بين هذه الفعاليات المتعددة دون مصادرة حق اختيار واهتمامات الآخر.