واجهت المملكة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ضغوطات كبيرة في ملف الإرهاب من دول ومنظمات وهيئات دولية، وسعيهم إلى محاولة تشويه صورتها، ومواقفها، وتوجهاتها من هذا الملف، ولكن مع كل ما تم من تلك المحاولات على تعدد مستوياتها السياسية والأمنية والثقافية وحتى الدينية، إلاّ أن المملكة أثبتت للعالم أنها الداعم الأول لمكافحة الإرهاب، وأكثر الدول تضرراً منه، وتعاوناً في مواجهة عناصره، وقدرة على التعامل معه، وإعادة تأهيل من تورط فيه، وسن أنظمة وقوانين صارمة للتصدى له فكراً وسلوكاً وتمويلاً، والأهم تشكيل التحالف العربي الإسلامي ضد الإرهاب، والمشاركة في التحالف الدولي للقضاء على تنظيماته كما حصل مع داعش مؤخراً.

اليوم بعد أن شاهد العالم كيف هي المملكة نموذجاً فريداً في مكافحة الإرهاب؛ لم يعد هناك مبرر للمضي في هذا الطريق الذي لم يحقق غايته، ولا أهدافه البعيدة، ولا حتى التأثير في مكانة المملكة وقوتها دولياً؛ لذا انخرطت دول ومنظمات أخرى نحو تسييس قضايا حقوق الإنسان في المملكة، وتهيئة فريق ممن تصفهم بالمعارضين لتشويه صورتها، والإساءة إليها، وإثارة الرأي العام فيها، من خلال قصص مفبركة، وأخبار ملونة، والأخطر استدراج فاعلين جدد لتضخيم مشاكلهم الخاصة، ومواقفهم، واحتوائهم بطريقة انتقائية مكشوفة لتوظيفهم في سياق حملة الإساءة والتشويه كما يحصل الآن مع رهف القنون، وقبلها كثير.

ما يهمنا الآن هو جانبان لمواجهة تلك الحملة، (الأول) تعزيز الجبهة الداخلية بالمشاركة الجماهيرية في حملة التصدي، من خلال الإبقاء على المجهود الشعبي حاضراً وداعماً ومفنداً لتلك المزاعم بعدة لغات ووسائل وفعاليات وبرامج موجهة وقوانين محددة، إلى جانب إظهار الثقافة السعودية ومرتكزاتها الدينية والاجتماعية في تصالحها مع واقعها، والاعتزاز بقيادتها، وميلها إلى وحدة الصف والكلمة، وتجنب إثارة الفتن والتأزيم الذي لا يخدم المجتمع وتقدمه، والخروج من كل ذلك برؤية وطنية يراهن عليها الشعب قبل قيادته من أن السعودية أرضاً وإنساناً خط أحمر تحت أي ظرف، أو استفزاز، أو ابتزاز رخيص.

الجانب (الثاني) هو الفعل الحكومي بلغة خطابه، ودعم مؤسساته، وتعزيز مشاركاته، وتعدد علاقاته، إلى جانب استثمار إمكاناته في بناء تحالفات عميقة داخل القوى الدولية المؤثرة في توجيه الرأي العام؛ فالمملكة اليوم من أكبر عشر دول في العالم تقديماً للمساعدات الإنسانية النقدية والعينية في جميع القارات الخمس؛ بقيمة تصل إلى 35 مليار ريال منذ تأسيسها، فضلاً عن مساهمات المملكة المالية للمنظمات الأممية، والهيئات الدولية والصناديق التنموية الداعمة للإنسان، حيث تظهر تلك السياسات والأرقام قيمة مضافة في دعم المملكة لحقوق الإنسان التي لا تتوقف عند حريته، بل الأهم وجوده وأمنه واستقراره وتنميته، وهو ما يميّز المملكة عن غيرها.