في ديسمبر2010 كتبت مقالين أثـارا جدلاً كبيراً..
المقال الأول (من يدعي ذلك بعد سليمان) أنكرت فيه قدرة أحد على تسخير الجن والشياطين..
والثاني (من يعرف جنياً يتلبسني) أنكرت فيه قدرة الجن على التلبس في الإنسان وعدم وجود نصوص شرعية صحيحة تؤكد هذا الادعاء..
وحينها كنت أدرك أنني اخترت الطريق الصعب والشائك، كون الطريق السهل والذي يضمن تأييد القراء، هـو فعل العكس وتأكيد هذين الادعاءين من خلال قصص مفبركة (سمعناها كلنا) عن تلبس الجان بفلان وفلان..
قبل ثماني سنوات فقط؛ كانت مسألة التلبس محسومة ومفروغ منها وكان خلافنا الوحيد هل يدخل الجني من الدبر أم القبل أم إصبع القدم.. غير أن واجبي حينها حتم عليّ تحكيم العقل واللجوء للمنطق رغـم كل الآراء التي هاجمتني لاحقاً وكان أقساها ادعاء إنكاري لوجود الجن ذاته..
لن أكرر رأيي في الموضوع (ومن يرِدْ الاطلاع على المقالين يبحثْ عنهما في غوغل) لأنني اليوم أود التعبير عن سعادتي بتبلور تيار عقلاني يسري في مجتمعنا (بـدأ بانتهاء عصر الغفوة).. لم تعد الأجيال الجديدة تسلّم بالخرافات أو تؤجر عقولها بسهولة كما كان في زمن "الكاسيت" ومرتزقة الدعوة. دخلنا مرحلة نضج جديدة يتم فيها ترجيح العقل على الخرافة، والمنطق على الأسطورة.. ارتقى نقاشنا من مستوى (هل يدخل من القبل أو الدبر) إلى مستوى (هل يصح عقلاً افتراض دخوله في جسم الإنسان).. أصبح للعقل صوت مسموع، والاحتكام إليه يمنحنا مناعة ضد خرافات وخزعبلات تلبس ثياب الدين وما هي من الدين.. لا أدعي أن الخرافات انتهت من حياتنا ولكنها على الأقل أصبحت تخضع (خصوصاً لدى الأجيال الشابة) لميزان العقل والمنطق والسؤال عن المصدر.
دخلنا مرحلة العقلانية التي تعني (كمصطلح) الاحتكام إلى العقل والمنطق، والنزاهة والحيادية في استخلاص النتائج.. العقلانية تعزل نفسها (ولو مؤقتاً) عن التفكير الأسطوري كي تبحث بحرية وتجرد عن الحقيقة والمسبب.. حين يهجر المجتمع التفكير العقلاني ويلجأ للتفكير الفلكلوري تفوته أسباب التقدم والمسببات الحقيقية للمشكلات السائدة فيه..
وقبل أن يقتص أحد من كلامي ما لا أعنيه؛ أشير إلى أن العقلانية طبيعة بشرية وطريقة في التفكير لا تخص تياراً أو فئة أو أيديولوجيا معينة.. تتسـق مع الدين ولا تتعارض معه بدليل وجود 49 آيـة تحتكم لميزان العقـل وتعاتب من لا يعتمد عليه بدليل قوله تعالى: "أفلا تعقلون"، "لعلكم تعقلون"، "أفلم تكونوا تعقلون".. ولكن للأسف "أكثرهم لا يعقلون"..
1
حمود المزيني
2019-01-15 04:19:48أما كلامك عن عبدالله عزام و غيره عن الكرامات فهذا صحيح ، فقد لعب كثير من الدعاة لما يسمى بالجهاد سابقا و لاحقا في عقول الشباب.
لكن إنكار وجود الجن و تلبسهم بالإنسان فهذا أمر واقع ، و دخول الجن في الإنسان مسألة لم ينفها الشرع و لا يستبعدها العقل ، فالجني ليس جسدا كجسد ابن آدم ، بل مخلوق مجهول لكنه حقيقي الوجود ، فهو يؤثر على الإنسي و يتكلم على لسانه ، و يعرف ذلك من جرب و رأى ذلك.
2
خالد سليمان
2019-01-13 23:42:59الله يصلح حالك وحالنا ..فمن استجار واستفرد بالعقل وترك الشواهد المثبته على مدار الناريخ للبشر ..هلك واتعب حاله وفي اخر المقام يدور غي حلقة مفرغة رغم زعم قوة علمه واستقواء الحكم بعقله...وما اؤتيتم من العلم الا قليلا ...نصيحة لوجه الله دع عنك الخوض في مسائل الغييبيات والعالم السفلي لمن خلقهم ..هو سبحانه كفيل بترجمة لنا ما يحدث لنا من حوادث التباس او نحوه عبر شرعنا الكر يم...حفظك الله ورعاك
3
عقلاني
2019-01-13 22:34:29كلام جميل دائماً يسهل استحمار الكثيرين إذا اضفة صبغة دينيه في الموضوع
4
عبدالله
2019-01-13 15:33:17مسكينة هذه "الصحوة" .. صارت لدى بعض كتابنا مشجب كل ظاهرة ..وسبب كل بلاء وتخلف ..!
5
علي الشريف
2019-01-13 13:44:32أقرأ للكاتب من عام 2004 وأعرف اسلوبه جيدا بتحاشي المواضيع الجدلية لانها ستستمر كذلك. من يقرأ مقالك اليوم يجزم بلا شك تنحيك عن بحث الأمور الغيبية التي لم يتوصل العلم على دليل ماديتها (الذي هو ديدنك ، اقصد بحثك) إلى الاخذ برأي مريح وسائد ايضا بغير دليل على قطب مخالف.
أرى طالما لا يوجد لديك دليل علمي حتى الان للنفي فلا يوجد دليل على الاثبات، وارى والرأي لك ان نتكرك الامور الجدلية ونستمتع بكتاباتك العقلانية التي دائما تختمها بآيه.
دمت دائما تكتب ونقرأ لك.
6
خالد الشليل
2019-01-13 04:02:38و أضيف على كلامك أستاذ فهد إذا سمحت لي أن العقلانيون هم اكثر الناس سعادة و راحة يكفي تخلصوا من خرافات قد أتعبت الكثير من البشر مثل المبالغة من الخوف من العين أو السحر و غيرها من المعجزات التي لا يعلم تفسيرها إلا الله