طوفان من الصحف والمواقع مجهولة الهوية والمصدر يغرق الفضاء الإلكتروني العربي أصبح يمثل اليوم رافداً من الأخبار المكذوبة التي يتناقلها كثير من رواد شبكات التواصل من دون تفكير أو تدقيق أو حتى إخضاع هذه الأخبار للمنطق، فهذا كفيل بعدم صدقها، بل بعدم معقوليتها من الأساس.
هذا الواقع المخيف الذي جعل من شبكات التواصل الإلكتروني بيئة خصبة للكذب يضعنا أمام تحديين، كل منها أصعب من الآخر؛ التحدي الأول هو مصدر هذه الصحف اللقيطة، إذ من الواضح جداً من خلال أخبارها التي تستهدف المملكة وعدداً من الدول العربية التي تربطها بالمملكة علاقات قوية، وتستهدف رموز البلدين، بل تستهدف هذه العلاقة بث أخبار تثير الفتنة والوقيعة بين الشعوب، كما تستهدف الرموز السياسية والاجتماعية، بل والواضح من رداءة لغة أخبارها وافتقارها لأي معيارية أو مهنية صحفية أن القائمين عليها لجان إلكترونية لديها تكليفات محددة باختلاق أي وقائع وهمية مثيرة جاذبة ذات صلة باهتمامات الناس.. والمزعج أن انتشار هذه المواقع فيروسي، فهي تتوالد بكثرة، حتى إنها تغرق الفضاء الإلكتروني بأخبارها.
والتحدي الثاني، وهو الأخطر في تقديري، هذا الكم من المتابعين السذج الذين يشاركون أي شيء تقع عليه عيونهم على صفحاته، وأولئك الآخرين الذين يدخلون على تلك الأخبار الرديئة المحتوى على نحو فاضح مهنياً، ويبادرون بالسب وصب اللعنات، الأمر الذي يكشف عن حالة من التراجع في الوعي بل في القدرات العقلية لملايين من الناقلين الأمناء لهذا الكذب، فلو أنهم كانوا يتحلون بأدنى قدر من القدرة على التفكير النقدي لأدركوا على الفور أن هذه أخبار مفبركة، وأن هذه مواقع صفراء غرضها بث الإحباط وإشاعة الكراهية بين الشعوب وبعضها وبين الشعوب وحكوماتها وإشاعة حالة من الفوضى المعلوماتية حتى يفقد المواطن العربي الثقة في أي شيء، ويستوي لديه الكذب والحقيقة. نحن يقيناً أمام واقع ليس من الحكمة الصمت عليه، في ظل حالة من التراجع في الوعي والاستعداد لتصديق كل شيء عند قاعدة ليست قليلة من متوسطي، وربما ضعيفي أو معدومي التعليم والذكاء في وطننا العربي، ومثل هذه الظاهرة ينبغي أن تكون موضع دراسة من أصحاب المعالي وزراء الإعلام العرب، من أجل وضع استراتيجية لضبط هذه الفوضى، ومحاصرة هذه المواقع المشبوهة تقنياً، واعتماد حملات توعية للمواطن العربي، حتى لا يغرقنا طوفان الكذب، ويصبح هؤلاء مع الوقت مصدر المعلومة الرئيس للمواطن العربي، ولكم في أكاذيب الجزيرة القطرية أسوة يا أولي الألباب.
التعليقات