لا شك أن تنفيذ السندات التنفيذية سواء كانت أحكاما قضائية نهائية، أو أحكام المحكمين وفق نظام التحكيم السعودي، أو الأحكام الأجنبية، ما عدا الأحكام القضائية الإدارية والجنائية، يكون من اختصاص قاضي التنفيذ الذي يختص أيضا بتنفيذ السندات التنفيذية غير القضائية كالأوراق التجارية، والعقود الموثقة، والأوراق التي لها قوة السند التنفيذي نظاما، والمحررات العادية التي يقر بها المدين، كما يختص قاضي التنفيذ بالتحقق من صحة السند التنفيذي وتوافر الشروط اللازمة لاتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري وذلك بعدم مخالفة السند التنفيذي لأحكام الشريعة أو النظام العام للدولة، والتأكد من ثبوت الحق في ذمة المدين وأن يكون الحق محددا ومقدرا وحال الأداء.

وكما أسلفنا فإن قاضي التنفيذ يختص بالفصل في منازعات التنفيذ وفقاً للمادة (3) من نظام التنفيذ التى تنص على أنه (يختص قاضي التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وفقاً لأحكام القضاء المستعجل..)، والمادة (3/1) من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ التي تنص على أنه (كل منازعة متعلقة بالتحقق من صحة السند التنفيذي فهي من اختصاص قاضي التنفيذ كإدعاء تزوير السند أو بطلانه لعيب في الرضا أو أن المنفذ ضده ليس بطرف فيه أو إنكار التوقيع عليه ونحو ذلك)، ويدخل في حكم هذه الصورة المنازعات المتعلقة بالوفاء بأصل الحق أو انقضائه لأي سبب كالصلح حيث نصت المادة (3/3) على أنه (إذا دفع المنفذ ضده بالوفاء أو الإبراء أو الصلح أو المقاصة أو الحوالة أو التأجيل ونحو ذلك بعد صدور السند التنفيذي فهي من اختصاص قاضي التنفيذ). ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعي بعدم صحة السند التنفيذي.

وكذلك المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ الجبري أو الناشئة عنه مثل المنازعة في أجرة الحارس أو استبداله أو المنازعة بصحة تقرير المحجوز لديه بما في ذمته أو وجود تواطوء أثناء المزاد والتأثير على سعر البيع أو المنازعة في توزيع حصيلة التنفيذ على الدائنين الحاجزين، إلى غير ذلك من المنازعات الإجرائية التى قد تثار أثناء السير في إجراءات التنفيذ ويكون لها طابع القضاء المستعجل، ويجوز للقاضي وقف التنفيذ وإجراء الحجز التحفظي على أموال المدين، ولا تكون الأحكام الصادرة من قاضي التنفيذ في هذه المنازعات نهائية إلا بعد مصادقة محكمة الاستئناف.

ومن جهة أخرى فإن المنازعات الموضوعية التي تنشأ بسبب موضوع الحق الذي يتضمنه السند التنفيذي تكون من اختصاص قاضي الموضوع وفقاً للمادة (3/6) من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ التي تنص على أن (كل منازعة متعلقة بموضوع الحق فهي من اختصاص قاضي الموضوع كالمنازعة المتعلقة بإخلال طرفي التعاقد أو أحدهما بالتزاماته الواردة في العقد، كعقود المقاولات والتوريد ونحو ذلك)، والمنازعة الموضوعية هي التي تثار بسبب العلاقة التى بموجبها صدر السند التنفيذي، أو بسبب أصل الحق، لا توقف التنفيذ إلا إذا صدر قرار من المحكمة المختصة بنظر الدعوى بوقف التنفيذ وفقاً لنص المادة (3/5) من اللائحة التنفيذية المتضمن أنه (لا يحول وجود نزاع في موضوع الورقة التجارية من السير في إجراءات التنفيذ ما لم يرد من الجهة المختصة بنظر النزاع قرار بالتوقف).

ونخلص الى أن نظام التنفيذ الذي يعتبر من أهم الأنظمة القضائية لتحقيق العدالة الناجزة، قد منح قاضي التنفيذ الكثير من الصلاحيات اللازمة لسرعة التنفيذ ورد الحقوق إلى أهلها وفق إجراءات واضحة ومحددة، وفي الوقت نفسه أعطى النظام المنفذ ضده الحق في التقدم بدعوى منازعة التنفيذ أمام قاضي التنفيذ كادعاء تزوير السند أو بطلانه أو في حالة الوفاء بأصل الحق أو انقضائه أو غير ذلك، وقد يترتب على بعض منازعات التنفيذ بعدم صحة وسلامة السند التنفيذي وقف تنفيذه في حالات معينة، ولكن المنازعات المتعلقة بموضوع الحق مثل إخلال طرفي التعاقد أو أحدهما بالتزاماته التعاقدية لا يترتب عليها وقف التنفيذ إلا بناء على قرار يصدر من قاضي الموضوع بوقف إجراءات التنفيذ، وبالجملة فإن كل من يبدى دفعاً معيناً في منازعات التنفيذ المختلفة يصبح مدعياً به ويتوجب عليه إثباته أمام القضاء، ويبقى حفظ الحق مرهون بوعي صاحبه!.