كم هو مسكين المواطن العربي في عالم اليوم، عالم السماوات المفتوحة وشبكات التواصل والمال السياسي الذي أفسد كل شيء في العالم، وأول ما أفسده مصداقية الإعلام، فلم يعد خافياً على فطن اليوم أن الحقيقة في عالم اليوم أصبحت في حكم الغول والعنقاء والخل الوفي، بعدما اتخذت الدول من المنابر الإعلامية منصات لإطلاق الشائعات والترويج للأكاذيب، لتجميل وجه قوى على حساب قوى، وللضغط على دول من أجل مصالح بعينها، ولدعم دول حليفة، ولمحاربة دول عدوة، ولتشويه أنظمة، ولتجميل أخرى، ولدعم أنظمة، ولإسقاط أخرى ببث الإحباط في أوساط شعوبها وتحريض الناس على الخروج عليها، والنتيجة شاهدناها بأعيننا، أوطان ضاعت، وغالباً لن تعود، فمن البدهي أن ندرك أن من أسقطها، لن يسمح بعودتها من جديد.
في الماضي كنا نلجأ إلى وسائل الإعلام الأجنبية لنعرف حقيقة ما يدور في المنطقة العربية؛ لضمان المصداقية والمهنية، خشية أن يكون إعلامنا لا يقول الحقيقة، وبالفعل أثبتت التجربة آنذاك أن الحقيقة كانت عند الإعلام الغربي، وأن إعلامنا العربي كان يجمل الصورة أحياناً، لكن يبدو أن الغرب كان يقول الحقيقة لأنها كانت في صالحه، لكن بعد عقود، وبعدما بدأ الغرب يخوض لعبة جديدة معنا، هي لعبة الإعلام، بعدما أدركنا كيف يعتمد الغرب على الإعلام في مناوراته السياسية في المنطقة العربية لتمهيد الأرض أمام أساطيل طائراته وبوارجه ليمنحها الشرعية لضرب أهداف بعينها في أوطاننا من أجل مصالح اقتصادية وسياسية، وليس من أجل أي شيء آخر مما كانت تدعيه هذه الحملات الإعلامية المنظمة، أدركنا حقيقة الدور المشبوه للإعلام الغربي، وأصبح من الحماقة أن تلجأ إلى bbc أو cnn، على سبيل المثال؛ لتعرف الحقيقة، وقد رأينا بأعيننا هذه الجهات وغيرها، وهي تسقط سقوطاً مهنياً مدوياً، وتقوم بدور مكشوف في شن حملات مغرضة على بلادنا، تكشف عن حقيقة الوجوه الاستخباراتية التي تديرها، هذا حين تعمل هذه المنصات الإعلامية من أجل مصالح بلادها، وبإيعاز من أجهزتها الاستخباراتية، أما حين تعمل هذه المنصات لصالح دول أخرى، حينها تصبح وسائل إعلام لمن يدفع.
وقد يسأل سائل، من نصدق إذا كان جميع وسائل الإعلام قد لا تقول الحقيقة؟ ولهذا السائل أقول: في المعارك، لا تصدق إلا سلاحك.
التعليقات