يبدو أننا نعيش مرحلة فريدة في الرداءة من مراحل السياسة في منطقة الشرق الأوسط، سقوط بلا قاع نعيشه حين يتجرد السياسي من الخجل ويصبح ممثلاً رديئاً على خشبة عرض مسرحي رخيص لا ينطلي على عقول الأطفال، فما بالنا بشعوب لم تعد شؤون السياسة غيباً عليها مثلما كانت في الماضي، فلم يعد من السهل خداعها، وقد رأت بعينيها أدعياء الفضيلة في عرض السياسة البائس الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وهم يعقدون التحالفات ويتبادلون المصالح الاقتصادية مع قتلة الشعب السوري وأصحاب مشروع تمزيق سورية وتغيير خريطتها الديموغرافية بعد تهجير شعبها والاستيلاء على أراضيه وممتلكاته، بل والاستيلاء على وجوده كله وتشريده في الأرض، ثم يرفعون أصواتهم بالبكاء المصطنع على قتل الراحل جمال خاشقجي. ألا يخجل هؤلاء من الكذب؟ ألا يخجل رعاة الجحيم العربي الذين فتحوا أبواب الحرب الأهلية على شعوب المنطقة الآمنة المستقرة في أوطانها، وحرضوا الناس على جيوشهم ورجال أمنهم وما زالت منابرهم تواصل التحريض المكشوف وتسوقه على أتباعها معصوبي العيون من المضلَّلين والمغرر بهم، وعلى البسطاء والعامة من أبناء الشعوب، في محاولات أخيرة بائسة لإنقاذ مشروع تقسيم الشرق الأوسط الجديد الذي أفشلته السعودية، وتدفع اليوم ثمن وقوفها في وجهه؟ كيف يتصور هؤلاء أن شعبنا السعودي على هذا القدر من السذاجة حتى يصدق أن صناع المقتلة الكبرى التي تشهدها أكثر من دولة من من دول المنطقة متألمون هذا الحد من أجل قتل رجل؟ إن نافخي نار الفتنة الكبرى التي تشهدها المنطقة هم أنفسهم بواكي الإنسانية، وبواكي خاشقجي - رحمه الله -.
إن هذا الأداء المفضوح للممثلين الفاشلين في مشهد الإنسانية الرخيص المفتعل يكشف قدر التهافت والتفاهة التي أصبحت تغلف موقفهم، وأيضاً قدر الإفلاس، حتى أن دولاً كنا نتوسم فيها أنها دول كبرى تحترم نفسها وتاريخها، وأخرى كنا نعدها ضمن الأشقاء، تضع أيديها في يدي شيطان طهران وتتحالف معه على دماء شعوبنا، ثم تأتي اليوم لتتشدق بالعدالة والإنسانية وتدعي المسؤولية عن مصير مواطن سعودي، ما من شك في أن بلاده هي المسؤول الأول والأخير عنه، وهي المعنية بمحاسبة المتورطين في قتله.. نعم بواكي خاشقجي هنا وليسوا هناك في أي مكان آخر، ودولته هنا، وولاة أمره هنا، والقصاص له سيكون هنا في بلاده، هذه هي الحقائق الواضحة والراسخة من بين جميع الأكاذيب والادعاءات التي يروج لها، وبعيداً عن محاولات المتاجرة القبيحة بدمائه، رحمه الله.
التعليقات