تحويل استعراضات السيارات المعدلة لفعاليات سياحية يجذب عشاقها في الداخل والخارج
تعد هواية تعديل السيارات وتطوير قدراتها لتتناسب مع البيئة المحلية التي تستخدم فيها، أو للتباهي والاستعراضات من أهم وأفضل الهوايات العالمية، ويمارسها الكثيرون وخصوصاً فئة الشباب، وقد تتحول تلك الهوايات بالدعم والتشجيع إلى صناعات تنافس صناعة السيارات العالمية.
والشباب في بلادنا ركبوا تلك الموجة فبرعوا في تحويل تلك الهوايات إلى مهنة ومصدر رزق، ولكنهم يعملون دون غطاء قانوني، ونرى الكثيرين منهم يجرون التعديلات ليس على مركباتهم فحسب بل على الكثير من المركبات التي تتطلبها طبيعة البيئة المحلية، ما أجبر الجهات الصانعة لمحاكات تلك التعديلات التي غابت عنهم واكتشفها مستخدو سياراتهم كل وفق بيئته واستعمالاته، ولكن بعض تلك الشركات الصانعة بالرغم من اعترافها واهتمامها بتلك التعديلات ومناسبتها لمختلف البيئات إلاّ أنها تقوم بملاحقة المعدلين قانونياً بحجة عدم أخذ موافقتهم، وعدم الرجوع إليهم قبل إجراء التعديلات، وهذا خطأ يقع فيه المعدلون، فعدم حصولهم على براءات اختراع تضمن حقوقهم يعرضهم للمساءلات القانونية التي قد تكون نتائجها وخيمة.
التعديل صناعة
وتعد هواية تعديل السيارات صناعة إذا تم تبنيها وفق خطط وبرامج صناعية مدروسة وطموحة، فبحسب الخبراء الاقتصاديين فإن تقنين ورعاية هواة تعديل السيارات سيشجع على دخول الشركات المهتمة في إكسسوارات السيارات في الداخل والخارج إلى السوق المحلي، والعمل على إيجاد هذا النوع من الصناعة، وهي تعديل السيارات، كما هي في بعض دول العالم، وحري ببلادنا أن تستفيد من الخبرات العالمية في هذا المجال، وإيجاد مصانع لها في المملكة، مما سيخلق فرصاً جديدة لصناعات أخرى مرادفة لها، ونقل التقنية وتطوير الهوايات لتصبح صناعات تسهم في توفير الأيدي العاملة السعودية في هذا النوع من المصانع، وستحفز المستثمرين على الدخول في هذه الصناعات الحرفية، وهذا ينسجم مع الرؤية الاقتصادية للمجلس الاقتصادي الأعلى، حيث تعد مثل هذه الصناعات ضمن الاستراتيجيات التي تساهم في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني.
تشجيع وملاحقة
ومن التناقضات العجيبة أن نرى استعراض السيارات المعدلة يحتفى بها وبأصحابها في المهرجانات والفعاليات في مختلف المناسبات؛ لأنها تسهم في جذب جمهور لا يستهان به، ولكن بالمقابل تتم ملاحقتهم من قبل إدارات المرور ووزارة التجارة خوفاً من عدم التزام السيارات المعدلة بضوابط المواصفات والمقاييس والجودة، إضافة للخوف من ملاحقة الشركات المصنعة.
وتشهد شوارعنا وساحات الاستعراضات بالمناسبات الوطنية وغيرها، إبداعات مجنونة لهواة السيارات المعدلة، فنجدهم يستعرضون إبداعاتهم وقدرتهم بإضافة العديد من المواصفات لسياراتهم واستعراضها خلال المهرجانات والفعاليات التي تمجد إبداعاتهم، وتلك المواهب تظهر طاقات كامنة لدى المعدلين، ولكن تلك الإبداعات تعد في عرف إدارات المرور والجهات المتخصصة غير منضبطة ومخالفة، ويعد ممارسوها لا يتقيدون بتعليمات السلامة والجهات الصانعة، فيعرضون أنفسهم ومركباتهم لمخالفات قد تصل للحجز أو الغرامات المالية، فيصبحون أمام تناقض من شقين، الأول: تشجيعهم وتأييدهم والاحتفاء بهم وإقامة المهرجانات أو الفعاليات التي يدعون ليشاركوا فيها ومنحهم الجوائز لقاء مشاركاتهم، بل وتوضع لهم منافسات لأفضل وأغرب التعديلات والإضافات المختلفة، والشق الآخر: إن أنظمة المرور ووزارة التجارة تمنع التعديلات على المركبة دون إجراء نظامي، وقد يكون هذا الإجراء النظامي لا يرضي طموح الهواة والمبدعين، بل إن بعض الإدارات المرورية تعمل على ملاحقة المخالفين وتطبق الأنظمة بحقهم لمجرد التغيير في الهيكل أو المواصفات الأصلية، وتحرير المخالفات المرورية بحقهم.
احتواء المعدلين
وهنا يبرز سؤال: لماذا لا تقوم إدارات المرور والجهات المتخصصة الأخرى باحتواء تلك المواهب ومنحهم تراخيص لإجازة إبداعاتهم وعدم كبتها، من خلال الترحيب بهم، ووضع ضوابط تضمن عدم المساس بأمن وسلامة المركبة، وبهذا قد يتحول هذا العمل لو تم تقنينه إلى مصادر دخل مجزية لأصحاب تلك المواهب، وتحويلهم لمشروعات تنموية يسهمون من خلالها في دعم اقتصادنا الوطني، وبما أن هذه الهواية قد تتحول إلى ابتكارات وتطوير وصناعة، فإن الأمر يتطلب سن القوانين التي تحدد ما لهؤلاء الهواة وما عليهم لكي يكون عملهم نظامياً، ويتم تحويله إلى صناعة تسهم في اقتصاد البلاد.
مطالبة بالتبني
ويرى عدد من المهتمين الذين استقبلت "الرياض" انطباعاتهم واقتراحاتهم وأمنياتهم وهي: أن تقوم الجهات ذات العلاقة برعاية وتبني مشروعات تعديل السيارات وتحفيز الهواة من خلال تنظيمهم وتأسيس رابطة أو جمعية أو موقع إلكتروني يضم ابتكاراتهم وتقديم النصح والإرشاد الممنهج لهم حول إجراءات التعديل، وتشجيع الإيجابيات وتلافي السلبيات لتحقيق أهداف الأعضاء وتحويل الهواية إلى صناعة حقيقية، وإتاحة الفرص للمهتمين والهواة في تسهيل استخراج التصاريح للسيارات المعدلة للسير على الطرقات العامة، وترويج أفكارهم ومبتكراتهم لدعمها من قبل رجال الأعمال، لأن هواية تعديل السيارات لها جمهور كبير ومحبون كثر وخصوصاً من الشباب، ولها جوانب إيجابية عديدة، كما أن سلبياتها يمكن تلافيها من خلال توعية الشباب بالتعديلات المناسبة التي لا تؤثر على سلامة المركبة وبالتالي المحافظة عليها آمنة ومتوافقة مع متطلبات المواصفات والمقاييس والجودة.
وفي كل مناسبة للسيارات يتلقى محرر "الرياض" مطالبات بالاهتمام بنشر معاناة المعدلين، ومطالبتهم بأهمية أن توجد جهة متخصصة للإشراف عليهم أو أن يقوم الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية بتخصيص أندية تسمح لهم بممارسة هذه الهواية بشكل نظامي، وتقيم لهم المعارض المفتوحة للجمهور ليطلع على إبداعات المعدلين، والعمل على الاستفادة من هذه الهواية بتحويلها إلى صناعة، وتشارك هيئة السياحة وهيئة الترفيه في تنظيم الفعاليات التي تستقطب لها السائحين في الداخل والخارج.
هاوٍ ولكنْ
ولقد شهدنا الكثير من محاولات التصنيع أو بالأصح التجميع لسيارات قام بها هواة لم يصلوا بها إلى حد الاحتراف، مما جعلها للأسف تفشل ولم يكتب لتلك الهوايات والمحاولات النجاح بسبب عدم وجود الداعمين والرعاة لها، والآن هناك محاولة جديدة شغلت وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قام المواطن زيد القحطاني بتصنيع أو بالأصح تجميع سيارة سباق عدها حلمه الذي يتمناه والآن يراه يتحقق، واعداً جمهوره بأن ينطلق بها بعد الانتهاء من تصنيعها وتجميعها بسرعة لا تقل عن 300كم بالساعة، مما حدا بخبير السيارات حسن كتبي أحد الخبراء في الخليج العربي للالتقاء به، وإعداد فيديو يشرح بطريقة سلسة ومتكاملة ما قام به المصنع زيد القحطاني، وبالمناسبة فهذه التجربة التي قام بها القحطاني ليست الأولى للمصنعين الهواة بالمملكة الذين يتمنون أن يتم تبني أفكارهم وإبداعاتهم كما يتمنون أن تجمعهم وتنظمهم جهة تجعلهم يطبقون ابتكاراتهم وإبداعاتهم على أرض الواقع؛ لأن هذه الهواية اكتسبت أهمية متزايدة في أوساط الشبان الذين يميلون إلى تعديل سياراتهم إما بشكلها الخارجي، أو إضافة بعض الإكسسوارات إلى جانب زيادة قوة المحرك، خصوصاً لهواة التطعيس والأماكن الوعرة والشاهقة.
تجارة مربحة
وقد تتراوح قيمة تعديل بعض السيارات إلى مئات الآلاف من الريالات، حيث إن بعض التعديلات تطال كل شيء في السيارة بدءاً من الشكل الخارجي مروراً بالمقود والمقاعد ومصابيح الإنارة وانتهاء بالمحرك. وتعد تجارة تعديل السيارات تجارة رابحة، حيث إن أغلب الهاوين لا يهمهم كم يدفعون لتبدو سياراتهم أكثر غرابة ولافتة للأنظار، وتلقى هواية ومهنة تعديل السيارات شهرة عالمية، فمن أشهر الشركات العالمية: مثل إنفيدر Invader، وأوكو Okcu، وبراوس Brabus، وتك آرت Tech Art، وديب-آت Depp-At، وفاب ديزيان Fab Design0، وغمبالا هامان Gemballa Hamann، وفورستاينر Vorsteiner، ومانسوري Mansory.
التعليقات