الأخبار التى تتوارد إلينا في قنوات الأخبار الرسمية، ووسائل التواصل الاجتماعي حول قيام بعض الأطفال والمراهقين السعوديين بشنق أنفسهم، أو محاولة الانتحار بطرق أخرى، استجابة لأوامر بعض التطبيقات والألعاب الإلكترونية الخطيرة التي تستهدف هذه الفئة السهلة الانقياد والأسرع في الإدمان، يثير التساؤل حول الاستجابة لمغريات هذه الألعاب بما تحمله معها من محفزات وضغوط نفسية تستفز من يقع في حبائلها للقيام بمهام وطاعة أوامر استدراجية خطيرة تنتهي في حالات كثيرة بالموت!

إن ورود حالتين على الأقل حول أطفال قاموا بالانتحار استجابة لمتطلبات لعبة ما أيا كان اسمها، وفي أقل من شهر، يجعلنا نتساءل هل هذه هي المحصلة الحقيقية؟ أم أنه هنالك محاولات غير معلنة قد تم تداركها فلم تصل للمجتمع كخبر.

نحن كمجتمع معدل استخدامه للتطبيقات والألعاب الإلكترونية كبير، وتوافرها لدى الشرائح المختلفة من المجتمع يعتبر عالياً، وهو في تزايد مستمر، بحاجة ملحة لعمل لجان متخصصة لاستقصاء حالات الانتحار هذه، وفهم طبيعة هذه الألعاب الخطرة لفضح طرقها المتبدلة والمتطورة في السيطرة على العقول وهزيمتها من الداخل أو استعبادها حتى ترضخ لها ولنهاياتها الخطرة.

فالمجتمع بحاجة لحملات توعية مدروسة وفعالة وعلى مستويات مختلفة للتنبيه بهذا الخطر المتنامي والمتزايد، الأطفال والمراهقون وأسرهم بحاجة لدعم توعوي أكبر مما تقدمه قنوات الإعلام العامة أو وسائل التواصل الاجتماعي حول المخاطر المحتملة من وسائل الترفيه الإلكترونية والمتاحة في معظم البيوت، ولربما دعت الحاجة لتوافر مراكز دعم اجتماعية لتثقيف الأسر أو لمساعدتها ومساعدة أبنائها على التخلص من إدمان هذا النوع من الترفيه ومن عبوديته.

الاجتهادات الشخصية وعاطفة الأهل قد لا تكفي للتصدي لهذا الطوفان المنظم الذي يجتاح المجتمع على صورة ترفيه إلكتروني بريء، وإنما برامج مجتمعية مدعومة من الجهات الرسمية المختصة القادرة على مدها بالمعلومات الدقيقة والإحصائيات لفهم توجهات ومنافذ ونقاط القوة التي ترتكز عليها هذه الألعاب الخطيرة في هيمنتها على عقول الأطفال والمراهقين والأهم من ذلك الحد من الترويج لها في وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية المختلفة.

نحن كمجتمع أمام تحدٍ جديد لا يقل خطورة في نتائجه عمّا عاناه ولايزال يعانيه المجتمع من آفات مجتمعية سابقة مثل المخدرات، والاستغلال الجنسي، والتطرف الديني، والارهاب، والتي عادة ما تستهدف الفئة الأسهل في المجتمع وهم صغار السن من الأطفال والمراهقين، وشغفهم الكبير بتجربة الجديد والمختلف مهما كان خطيراً أو قاتلاً.

فليست كل الأسر قادرة على فهم حقيقة هذا الخطر القريب من أبنائها، وما لم يكن هنالك جهود رسمية ومجتمعية واضحة الخطط والتوجه بالتعاون مع الأسر؛ لتخطي هذه الموجة العالية والمدمرة من إدمان وهيمنة الألعاب الإلكترونية، فإن خطرها سيتنامى وضحاياها سيتزايدون دون رحمة أو توانٍ.