كان الأسبوع الماضي حافلاً بالقرارات والأوامر ونتائج انتخابات وتوصيات مجلس الشورى وجوائز ونجاحات لنساء وشباب السعودية فضلاً عن البدء بإصدار رخص قيادة السيارة للنساء والتي كنت من المحظوظات باستخراجها بعد مطابقتها برخصتي الخليجية السارية، وكل الموضوعات مغرية بالتناول وأحدها كفتني إياه الصديقة العزيزة الدكتورة فوزية أبوخالد وهو أمر فصل وزارة الإعلام عن الثقافة وتكوين وزارة ثقافة حيث وجهت أسئلة لسمو الوزير الجديد في الصميم مع ضرب الأمثلة الحية بتجارب الثقافة بين أميركا واليابان والهند للاستنارة، وطالبت بتحرير الثقافة من رقابة الرقيب وبيروقراطية الوزارات المترهلة، وجعل الثقافة مُتاحة إلى الناس كافة (في مقالها 6 / 6 / 2018)
ولعلي هنا أتناول الموضوع القريب إلى نفسي ووجدت في تقديم توصيته لمجلس الشورى تلبيةً له، ألا وهو دخول النساء إلى سلك القضاء بتمكين الكفاءات النسائية الحاصلة على التأهيل الشرعي والقانوني من تولي الوظائف القضائية، وقد أوفى الموصيات والموصون (د. لطيفة الشعلان، د. فيصل آل فاضل، والأستاذ عطا السبيتي) في عرض الموضوع وتقديم مسوغاته المنطقية عقلاً وشرعاً وبانتظار التصويت عليه ليأخذ مساره المطلوب.
وموضوعات المرأة كلها موضوعات تقع في أس ما أطلق عليه مشاركة المرأة المسلمة الدينية، أي في شؤون دينها، وهي عينها الموضوعات والمناصب التي تُستبعد منها المرأة. ربما لأنها تعني امتلاك السلطة التي تحدد القرار في الشأن الديني، وربما لأسباب أخرى تحتاج تحليلاً أطول. لقد شهدنا عبر التاريخ احتكاراً ذكورياً لمناصب السلطة في التراتبية الدينية رافقها إنتاج تراث يبرر هذا الاحتكار بتشريع إبعاد النساء من مواقع صنع القرار، ابتداءً من إشاعة أحاديث ضعيفة مُنكَرة ومخالِفة للقرآن الكريم، كحرمان المرأة من التعليم في أماكن كثيرة من العالم الإسلامي ولقرون طويلة، والتي نتج عنها ليس فقط تحويل هذه المناصب إلى مناصب للرجل فحسب، وإنما إلى إضفاء القدسية عليها أيضاً، والتي نُوهم بتعرضها للانتهاك فيما لو اقتربت منها المرأة.
ولا أعتقد أن هناك اختلافاً على أن المرأة مثلها مثل الرجل، مُبَلَّغة بالإسلام ومُكَلَّفة به، وبالتالي لا ينبغي أن تُمنع عنها أي مهمة من المهام الدينية والتنظيمية التي تساهم في مشاركتها في إعمار الأرض.
وفي ظل التحولات التي تشهدها بلادنا وتشهدها مؤسساتنا الدينية سواء كانت وزارة العدل أو وزارة الشؤون الإسلامية من جانب، أو دخولنا للمرة الأولى كعضو أساسي في لجنة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) بعد أن انتخبت الدكتورة تماضر الرمّاح لعضوية اللجنة في 7 / 6 / 2018، فإننا بلا شك متجهين نحو المزيد من العدل ورفع كل أشكال الظلم والذي يُعد التمييز أحد أسسها بإذن الله.
وبعد أن سمعنا ورأينا الشيخ عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، يطلب من مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، الموافقة على تعيين "مُفتيات" من النساء في هيئة كبار العلماء في برنامجه التلفزيوني رمضان 1439، فلا أعتقد أننا سننتظر طويلاً حتى يتم تفعيل هذه المطالب ونرى المرأة في سلك القضاء.
وكل عام وأنتم بخير.
التعليقات